الجزء الثانى
كنت أجلس بجانبه.. الطفل ذو البشرة السمراء والشعر المجعد. جسمه يشى ببنيه قوية. دائم الحركة. دائم الكلام. قال فى فى عفوية “ميس سومة شايفة البنت دى، اللى لابسة شريطة بيضة فى شعرها، دى الجيرل فرند بتاعتى”. my girl friend.
نظرت إليه وقلت فين دى!! قال اللى قاعدة على الترابيزة الأمامية. أخذ يتململ فى مكانه. لاينتبه إلى طعامه. حثثته على الإلتفات إلى إفطاره. لكن قال لى” شوفى دى بتبصى لى إزاى”. قلت مداعبة, ولابتبص عليك ولا حاجة. ياريت تكمل إفطارك”. إغتاظ من كلامى وطلب من زميله أن ينتبه الى مايقوله. لكن زميله كان لاهيا عنه.
نعم—لم تكن الطفلة تنبته إليه على الأطلاق. كانت تضع كل وجهها فى طبقها وتتناول طعامها بتركيز.!!
إنصرفنا من قاعة الطعام وهو لازال ينظر إليها وهى لاهية عنه. ذهبنا إلى “الجيم” وبعد دقائق جاء طفل اخر صغير الحجم يبكى ويقول لى “بتقولى انى مش أحسن أصحابها”. كان يتحدث عن طفلة معه فى الفصل. صغيرة الحجم مثله. ذو عينان عسلى فاتح على غير العيون الزرقاء الموجوده هنا. شقية.. ذكية. قلت له “طب أنا حاسألها”. ناديت الطفلة وواجهته بها.. أنكرت.. وقالت “لا..هو من أحسن اصحابى. ” He is my best friend
ظل هذا الطفل يلهو مع هذه الطفلة وإذا حاول أحد أن يضايقها يذهب إلى نصرتها والدفاع عنها، مع إنها من الذكاء الفطرى فى الدفاع عن نفسها.
تذكرنى هذه الاحداث بالمراهقة الأولى التى يعيشها الإنسان. مراهقة له وهو طفل دون أن تتحدد مشاعره الحسية ناحية الجنس الأخر، والتى يتعرف عليها الإنسان عندما يدخل فى طور البلوغ والمراهقة الحقيقية.
تلقى هذه الأحداث البسيطة بظلالها على عقلية البنت وإحساس الولد. فمهما قيل عن ان النساء عاطفيه يستعملون إحساسهم اكثر من عقولهم. ارى غير ذلك. فالبنت بفطرتها تعرف مصلحتها. أستعمالها لعواطفها فيه الكثير من الذكاء. بعكس الولد الذى تسيطر عليه إحساسه الفطرية دون وعى منه. مجرد رأي!!
المجتمع لايعنف الطفل أو يتهمه على إحساسته الطبيعية التلقائية والتى قد تتفاوت من طفل لأخر. يتعامل معها بحرص واحتواء وتقبل. لذا لايجد اى من الجنسين غضاضة فى التعبير عن مشاعرهم بلا خوف او خجل.
نشجع الأطفال على عدم لمس بعضهم. نقول لهم “إجعل يديك لنفسك”. ” “Keep your hands for yourself” لأسباب صحية وسلوكية واخيرا عاطفية. الأطفال يلقون بأنفسهم إلى أحضان المدرسين، يرغبون فى بعض الدفء الذى قد يكونوا محرومين منه فى بيوتهم أو مع أسرهم.
من الحوادث التى حصلت ف هذا الأسبوع، تعرض طفلة إلى جرح قطعى فى ذقنها جراء إرتطامها بإحدى المقاعد. سال الدم من وجهها. إصطحبتها إلى الممرضة التى إتصلت بولى الأمر والذى حضر على الفور.
غابت الطفلة يومين عن المدرسة لتعود “زى القردة” وقد تم لصق الجرح القطعى فى ذقنها بلا خياطة – إستعمال غرز. لم تمض هذه الواقعة هكذا. ففور عودتها إلى الفصل قامت هذة “الزئردة” بمشاركة زملاءها الأطفال ماحدث لها. أخذوا يسألونها أسألتهم الساذجة. هل بكيت كثيرا؟ هل نزفت كثيرا؟ ماذا تشعرين الآن! وهكذا. ثم عقبت انا وزميلتى بأن ماحدث لها لأنها لم تتبع التلعليمات بالإبتعاد عن المقاعد وأن تلعب بعيدا عنهم حتى لاتتعرض لأى جرح أو إصابة.
لاحظت أن المدرسة تطلب من اولياء الأمور أن يساهموا ب 12 ساعة من وقتهم خلال العام الدراسى مع أطفالهم. تكون هذه المساهمة فى حضور أحد أنشطة المدرسة مع الطفل :حفلة كريسماس – يوم البيجاما – عيد الشكر:، أو القيام بالتبرع بالوقت او أى عمل يخدم به المدرسة.
هذه السياسة البسيطة فى مدرسة تعتبر فقيرة ونائية تهدف إلى دمج الأسرة مع المدرسة وتعاونهما من أجل مصلحة الصغير.
مهما ذهبت إلى مدارس ومهما تعاملت مع أطفال وزملاء، اجدنى أتعلم كل يوم شيئا جديدا. لكن تتفق كل المدارس على أن تكون المدرسة مؤسسة كاملة تهدف إلى التربية – السلوك الحميد – حب القراءة – الرياضة والتعليم والتعلم.
مع ذلك – وأنا أتفق معهم – فإن التعليم فى أمريكا بالفعل يلقى تراجعا للخلف. وأسمع شكاوى كثيرة فى هذا الصدظ. لكن هذا موضوع يطول فيه الحديث.