Categories
My Impressions إنطباعاتى

تأملات كرونية

“أمريكا أولا.”. هذا الشعار البراق الذى أطلقه الرئيس الأمريكي فى بداية فترة حكمه. ليجعل الأمريكين يهتموا ببلادهم أولا وأن يجعلوها نصب أعينهم.

سافر إلى الشرق الأوسط، عقد صفقات بالمليارات ليحضر أموالا إلى أمريكا، يرفع من مستوى الدخل ويقل من عدد البطالة.

تحدى العالم لكى يبنى سورا عتيدا قويا يفصل بين أمريكا وجيرانها و حتى لايسمح بأحد للعبور إلى حدودها –ليحرم ناسا تمثل الغالبية العظمى من العمالة،. تتكلم الأسبانية التى تعتبر اللغة الثانية الرسمية هنا فى أمريكا.

وضع شروطا وضوابط مشددة لكل من يريد أن يأتى إلى أرض الأحلام للإقامة، الإعاشة، العمل أو الدراسة.

وهاأنت أيها الكائن البسيط الذى لاترى بالعين المجردة، أتيت لتطلع لسانك لنا.. فلا أحد يريد أن يأتى إلى أمريكا. لامن المكسيك ولا من البرازيل ولا من أى مكان فى العالم. بل أعتبر العالم أمريكا مكانا غير مستحب الإقامة فيه. بلد أصبح الرقم الأول فى نسبة حالات الإصابه بفيروس كورونا. بلد تعامل ببطء مع مثل هذه الكارثة العالمية.

أثبت شعار “أمريكا أولا” هشاشته. أمريكا لايمكن أن تكون أولا أو بمفردها، إنها يجب أن تكون مع العالم كله فهى فى حاجة إلى العالم والعالم فى حاجة إليها.

لاقيمة لسور، أو إجراءات. البلدان القوية ذات الهيبة سقطت أقنعتها الحقيقيقة.. قمت أنت أيتها الكورونا بتعرية هذه الأنظمة التى ظهرت خاوية جوفاء. لاتهتم سوى بتكنولوجيا كاذبة وحرب كواكب ونسيت أننا الأن نعيش عصر حرب الفيروسات.

خراطيم المياه التى إمتدت فى الدول العربية لتفرق المتظاهرين. العراق، لبنان. الفوضى التى عمت عالمنا العربى ولا حل لها.. أتيت أنت أيها الفيروس بقوتك وصغر حجمك.. لتأمر الجميع بالعودة إلى البيت. أمل وحلم كثير من الحكومات التى جربت كل شئ. يالك من خبيث.. لئيم..قوى.. عتيد.

البيت الحرام الذى كان قبلة المسلمين. يعيش على السياحة الدينية. يزوره كل عام مايقرب من 4 ملايين زائر. يأتون من كل أنحاء الأرض فى نفس الوقت، يقومون بنفس الشعائر ، يعودون إلى ديارهم سالمين.. لامرضى . الآن أقفل أبوابه أمام مراديه فى سابقة لم تحدث إلا نادار.، حينما تحول البيت الكريم إلى ملهى ومكان للحفلات والسياحة والزيارات للجميع من حدب وصوب!

ضاعت عبارة “كل الطرق تؤدى إلى روما” ليصبح طريق الموت والهلاك والكرونا هو الطريق الوحيد المؤدى إليها!

قاهرة المعز.. صاحب الألف مئذنة.. القاهرة العامرة التى لاتعرف النوم. شعبها الذى لايعرف سوى الضجيح. المحلات التى لاتقفل أبوابها قبل صلاة الفجر. الشعب الذى لايعرف أبدا ساعة ذروة ووقت ذروة. فطوال اليوم – هو وقت ذروة. لايمكن أن تتنبأ بوقت هدوء. اليوم القاهره العامرة أغلقت أبوابها. نيلها ساكن.. صامت يشهد على كل مايحدث فى هدوء وتأمل.

الأسرة التى كان كل افراداها يعيشون كل فى عالمه.. أصبحوا بحكم القانون يجب أن يعيشوا معا، يتواجدوا جميعا فى نفس الوقت, يتعرفوا على بعض من جديد. يكتشفوا كل السبل المتاحة لتمضية الوقت والإستمتاع به.

الوقت أصبح طويلا.. ماذا نفعل به!! هل نهدره!! كما أهدرنا حياتنا، أم نتأمله، نستفيد به ونتعلم منه!.

توقف العالم وأغلقت أبوابه حتى إشعار أخر. خسرنا الملايين من الأنفس ومن الأموال ومن المعانى!

أيتها الكورونا.. ماذا تريدين!! ألم تصلى إلى هدفك!.. لم تفرقى بين غنى وفقير، صبى وعجوز، مسلم ومسيحى!! ألم تخبرينا أننا جميعا فى الهم سواء. رسالتك وصلت. لن نعود إلى سالف عهدنا. وضعت بصمتك علينا.. تغيرنا،، تأملنا، توحدنا فى كثير من الأمور.. أصبحنا بحق.. بنى أدمين.

.. ألم يحن الوقت لكى ترحلى عنا، وتدعيننا نبدأ من أول السطر.

By Somaya Zakaria

An Egyptian American citizen. A woman who started a new chapter of her life in her middle age by moving to US. A person who left her comfortable zone to a busy and different kind of life. A wife, mother, grandmother and a writer who wears different hats and enjoys her roles in life. Souma