– Dady-Long-Legs
والمعانى الباقية عبر السنين
“مادام مفيش نادى.. مفيش أصحاب..فى..برد.. فى كورونا.. فى شغل.. فى مدرسة.. مفيش ناس.
الملجأ الوحيد للناس “اللى زى حالاتى” هو القراءة والكتابة. قرأت رواية جميلة مترجمة، للكاتبة الأمريكية جين وبستر -Jean Webster . أول مرة أسمع بها.. وبالطبع أول مرة أقرأ لها.
رواية صاحب الظل الطويل Daddy-Long-Legs تحولت إلى أعمال درامية ومسرحية موسيقية. وتم تمصيرها هنا فى مصر وقدمت كفيلم مصرى بعنوان إبنتى العزيزة.. بطولة الفنان الراحل رشدى أباظة ونجاة الصغيرة.
تحكى الرواية عن فتاة يتيمة فى سن السابعة عشر. نشأت فى ملجا. أنهت دراستها الثانوية ولايحق لها بعد الآن أن تعيش فى الملجا أو أن يتكفل بنفاقاتها. بل لقد كان الملجا كريما معها وتركها تعيش عامين أخرين لقاء عمل تقوم به من رعاية الأيتام الصغار الأخرين.
وهى على وشك أن تغادر الملجأ بعد أن أعدت وأهتمت بأمسية يوم الأربعاء الأخير للأوصياء الذين يتبرعون بأموالهم لكفالة هؤلاء الأيتام.. تدعوها مديرة الملجأ للقاءها.
تذهب متخوفة.. قلقة.. لتعلم أن أحد الأوصياء وافق على التكفل بنفاقات تعليمها الجامعى لمدة أربعة أعوام مع تخصيص مصروف شهرى لنفاقاتها الخاصة لتكون فى نفس مستوى زميلاتها فى الجامعة. بشرط أن تكون كاتبة.. وترسل له رسالة كل شهر تخبره عن دراستها وعن حياتها فى الجامعة الداخلية. فهو يرى أن الكاتب الجيد يبدأ بكتابة الرسائل التى تنمى موهبته.
أخبرتها مديرة الملجا.. أن الثرى الكريم يرفض أن تعرف أسمه..وأنه لن يكتب لها أبدا فى المقابل. واذا كان هناك أى أمر يتعلق بالنفقات أو خلافه فسوف تسمع من أمين سره (سكرتيره) الذى سيبلغها بأى شئ.
رغم هول المفاجأة الا أن البطلة شعرت بالسعادة. وتدور الرواية حول الرسائل المتعددة التى ترسلها البطلة إلى ولى أمرها المجهول. والتى لم تعرف شيئا عنه سوى أنه بالغ الطول.
من خلال رسائل البطلة تتبين الحياة فى الجامعة.. علاقات الطالبات بعضهن ببعض.. الفتيات الأثرياء وحياتهن. مشاعر فتاة شابة ليس لها أى أهل.. لاتعرف أنسابها أو أصلها. تتعرف من هذه الرسائل على موهبتها الفذة فى الكتابة والقدرة على التعبير.
تقول البطلة أنها لاتعرف أى شكل من أشكال الأسرة.. فهى نشأت وعاشت فى ملجا. أنها لو تتمنى لو تجلس على مائدة طعام مع أهل لها.
تقول ان الأنسان لايقاس بثراءه ولكن بحجم من يحبونه ويحيطون به.
فى أحدى المرات تدعوها إحدى زميلاتها فى الجامعة لزيارة مزرعتها فى الأجازة الصيفية. خلال هذه الزيارة تقع فى غرام أقرباء هذه الفتاة التى تتبين المفاجاة فيما بعد أنه صاحب الظل الطويل.
الرواية تتميز بالعذوبة. الوصف البسيط الذى يجعلك تعيش تعاسة البطلة ولكن تحيا مع طموحها ونجاحها. وفعلا تصبح كاتبة قصة وتقوم بنشر قصصها وتتقاضى مالا نتيجة لذلك.. وتريد أن تقوم بتسديده إلى ولى أمرها. وعندما تذهب إلى زيارته فى مزرعته.. تعرف أنه حبيبها.
كاتبة الرواية جين وبستر( 1876 – 1916) نشأت فى أسرة أمريكية عريقة ثرية.. وحاولت جين أن تثبت نفسها وتثبت أقدامها فى عالم الكتابة الصحفية والأدبية. ولاتستمد شهرتها من إرث عائلتها العريق وعلاقاتها بالكاتب الأمريكى الشهير مارك توين.
كان همها الأول الإهتمام بالأطفال الأيتام وتحسين مستواهم المعيشى. وإستطاعت من خلال أعمالها الفنية أن تسهم كثيرا فى إرتفاع مستواهم المعيشى.
أتقنت الكاتبة الإنجليزية والفرنسية والإيطالية. ورغم سنوات عمرها القصيرة 39 عاما إلا أنها أنتجت الكثير من الروايات التى تحولت إلى أعمال مسرحية وأفلام سينمائية. مثل أميرة القمح (1905) ▪جيري جونيور (1907) – عزيزى العدو (1915).
فقدت جين حياتها وهى فى التاسعة والثلاثين من عمرها عندما وضعت مولودتها الأولى بعد يومين من ولادتها.
تعتبر الترجمة البطل الرئيسى فى هذه الرواية. فقد أتقنت الأستاذة بثينة إبراهيم الترجمة . أستطاعت أن تنقل افكار ومعانى الرواية وحتى الخلفية الثقافية لكثير من الأحداث بحرفية ومهنية وأمانة رائعة.
تظل معانى الكاتبة شاخصة أمامنا وتعيش فى وجداننا رغم مايزيد عن المائة عام. عن معنى الأسرة.. قيمة الأنسان بعمله وليس بحسبه ونسبه.. الحب.. والعطاء بلا حدود.
كتاب قرأته، أعجبنى.. فكتبت عنه.