قعدة ستات
من بين الأشياء الكثيرة التى أفتقدها هنا فى أمريكا هى “قعدة الستات”. الوقت الذى كنت أقضيه مع صديقاتى وصحباتى فى أماكن مختلفة..كالنادى أو فى أحد المطاعم وغيرها. نتكلم، نتفق، نختلف، ننم.. المهم الوقت مع “الستات” يكون له طعما ثانى!!. موضوعاتنا بتكون عن “حاجة الستات”.. الأكل. المطبخ.. الأولاد.. الموضة، الشكوى المستمرة من الأزواج.
قلما أجد ذلك هنا فى أمريكا لأسباب كثيرة.. طبيعة الحياة وسرعتها.. نوع العلاقات. لذا، سعدت بدعوة بعض الصديقات أن نلتقى فى أحدى “الكافيهات” لتناول بعض القهوة ونجلس مع بعض “قعدة ستات”!!
الجوكان جميلا، مشمسا.. كنا ثلاثة وأنا الرابعة.. هن “برضه” أمريكيات، يعنى “لابسين” كاجوال،بدون مساحيق تذكر. لكن أنا كعادتى كنت “متأنتكة”. وقررت أن أكون أنا ولا أقلد أحدا.
مالت صديقتى على وقالت إن إبنتها تتمنى أن تنجح علاقتها مع زوجها الثالث بعد أن هرب – “هذه بالضبط الكلمة التى إستعملتها – زوجها الأول مع إمرأة أخرى، وزوجها الثانى من أجل عمله وطموحاته!!
قاطعتها صديقتنا الثانية. قائلة “ده حصل معايا من 30 سنة. “الحمد لله جوازى دلوقتى جميل وماشى كويس”.
قالت الأولى ضاحكة.. بنتى قالت لو منفعتش الجوازة دى.. يبقى خلاص كفاية على كدة.
إبنة صديقتى هذه أعرفها جيدا عن طريق عمل ما. ذكية، جميلة وديناميكية. ولها ولدان من زوجها الأول – يعيشان معها الآن.
المشاكل هى المشاكل فى مصر أم فى أمريكا أو أى مكان فى العالم!! القضية فى تناول مثل هذه المشكلات، النظرة إليها والتعامل معها!!.
فلا الأم خجلت من أن تقول أن إبنتها “طفش” زوجها من أجل إمرأة أخرى.. ولا شعرت بالشفقة على إبنتها لأن ألأولاد سينشأون بعيدا عن والدهم!
ولا الصديقة “مصمصت” شفتيها وقالت “بنتك خايبة ماعرفتش تحافظ على جوزها”. ولا الإبنة كفرت بالزواج والرجال وكفت عن المحاولة.. وقالت “قسمتى ونصيبى”.لا .. إنها تؤمن فى حقها فى الحياة والحب والمحاولة.
الحياة لاتنتهى بطلاق.. أو خيانة.
القلب له أحكام.. الظروف؛ هوى النفس،
سوء الأخلاق… وكثير من الأمور تحدث فى الحياة لاشأن لنا بها. إنها فقط تحدث.
فى مصر قد تحرص الأسر على إخفاء كل شئ.. والخوف من البوح.. والكبرياء الزائف يحكم الكثير من المظاهر. فالمرأة التى يتركها زوجها من أجل إمرأة أخرى لايمكن أن نتهمها بالتقصير.. وأنها لم تكن زوجة جيدة. حتى الزوج الذى فعل ذلك.. لايمكن أن نظل نتمنى له كل سئ.. ونتهمه بسوء الخلق وضياع الضمير.. وإنه ضيع أولاده. أما الطرف الثالث فنقول “ست خطافة رجالة” وغيرها من التعبيرات.
ماينطبق على الرجل الذى يترك زوجته من أجل إمرأة أخرى، يستوى مع المرأة التى تترك زوجها من أجل رجل أخر.
طالما الإنسان حيا يرزق، أولاده بخيرـ ليس فى سجن أو حبس.. ليس أسير فراش مرض أو فقد بالموت عزيز غالى يجب أن يحاول ، أن يعيش. فالحياة ليست حقا مكتسبا.. إنها هدية.. يجب أن ننعم بها!!
القلب ينكسر.. لكنه يلتئم.. الجرح ينزف لكن يندمل، قطار الحياة لايتوقف.. لاينتظر طويلا فى المحطات الساكنة بلا حركة. الحياة تمشى،تسير وربما إلى الأفضل.. والله أعلم.
زفت لنا زميلتنا الثالثة خبر حمل إبنتها لطفلها الأول وهى على مشارف الأربعين. قالت وسط ضحكاتها “الحمد لله لحقت تحمل قبل ماتخش ع الأربعين”. أخيرا سأكون جدة. سألتها كيف تعرفت إبنتها بزوجها قالت عن طريق الترتيب مع إحدى الأصحاب. قلت فى خاطرى.. يعنى الأمريكان بيتجوزوا جواز صالونات زينا فى مصر!!
لاعيب فى ذلك.. فلم تقل صديقتى إن إبنتها ترفض العرسان، أو لاتريد الزواج.. أو إن العرسان واقفين طابور وهى اللى مش عاوزة. هى قالت أنها سعت لأن ترتب زواج إبنتها عن طريق إبن أخت إحدى صديقاتها!! الزواج مطلب طبيعى وإحتياج شرعى للمرأة والرجل.. لاعيب فى أن يبحث الإنسان عن راحته وسعادته. الحقيقة إن إبنة صديقتى هذه كالحة ومثل المياه الراكدة وتفوقها أمها نشاطا وحيوية.. مسكين زوجها!!
إحتسيت القهوة مع صديقاتى.. تبادلنا النكات، أكملنا “الحديث. أتفقنا أن نلتقى ثانية فى “قعدة ستات”.