Categories
My Impressions إنطباعاتى

كورونا والأسرة

من مفارقات الأقدار أن تعيش الأسرة مع بعضها البعض بحكم القانون. يجلسون فى البيت من الساعة الثامنة مساءا. سبحان الله كل شئ تغير، ربما لوقت ما. لكن حتى ينتهى هذا الوقت أصبح هو الحال. الأسرة جميعها تتواجد فى البيت بالقوة الجبرية.. قوة كورونا العجيبة!!

القول أنه تم لم شمل الأسرة. عرفوا مفهوم أن يلتقوا على مائدة الطعام فى وقت واحد. أن يتعرفوا على بعضهم البعض، قول يبتعد عن الصواب. الأولاد الذين إعتادوا على الدروس الخصوصية وممارسة التمرينات أو المكوث فى النادى صيفا حتى منتصف الليل، أصبحوا يقضون اليوم بطوله والليل باللعب “بالموبايل”، أو مشاهدة الأفلام. ينامون متأخرا. يستيقظون عصرا. لم يعتادوا أن يروا والدهم متواجدا طوال اليوم فى البيت. حتى بعضهم يسأل الأم..”هو بابا ناوى يعيش هنا”!!. إحتياجهم لوالدهم لايتعدى كونه بنكا يمد بالفلوس. يغير الموبايلات.. يدفع مصاريف التمرين وأتعاب الدروس الخصوصية. هناك حالة من الفراغ، الملل.

الأب الذى غالبا لايعرف الكثير عن أبناءه. يكتفى بالمعلومات التى تقدمها له الأم . ليس معتادا على الجلوس فى البيت، مكانه الطبيعى فى الخارج وسط أقرانه.. عمله هو رقم واحد بالنسبه له ليس بدافع الأسرة، لكن لأنه يشعر بوجوده وأهميته فى عمله.
.مفهومه لدوره فى الحياة لاتتفق مع طبيعته أن يجلس فى البيت. الأدهى إن كان مرغما، إن كان غصبا.. إن كان بقوة القانون. ملول بطبعه. يهوى التغيير. ليس له صبر على الأولاد، ضوضاءهم.. زعيق زوجته..قلقها وتوترها غالبا يجعله يهرب إلى العمل، القهوة أو النادى.

الزوجة التى لم تعتد على وجوود زوجها فى البيت معظم الوقت. نحن النساء مهما تبأونا من وظائف ومهام، نشعر بأن حياتنا فى البيت. عملنا الأول فى المنزل. حتى قيل أن عمل المرأة فى البيت لاينتهى، بل طالب البعض بأن تحصل المرأة على أجر نتيجة هذا العمل.

قالت لى إحدى صديقاتى,, إنها لاتعرف إن كانت ستحب أن تذهب إلى العمل ثانية بعد هذه الفترة الطويلة من المكوث فى البيت أم لا.

يجدها تمسك بالتليفون طوال الوقت، يطلب منها أن تنظف البيت كما ينبغى، تراعى مذاكرة الأولاد. تستفزه بالأوامر.، تأمره بشراء الطلبات. تخزين البيت. يشعر بالسأم، بالملل. تشعر بالملاحقة والملاحظة.

لاأحداث، لاجديد. لاشئ عن زملاء العمل.. ماحدث من الأهل، إحتفالات شم النسيم، أيام رمضان..التخطيط للأجازة السنوية، الذهاب إلى المصيف. إختفاء وجوه الأصحاب، الزملاء، الأقرناء وحتى الأقرباء. لايوجد سوى نشرات عدد الموتى فى كل بلد. عدد المتعافين. أرقام الدول من حيث الترتيب فى عدد الحالات. مقدمو البرامج الذين يبدون فى أزهى ملابسهم.. يبتسمون وهم يزفون لنا هذه الأخبار الأليمة، كأن الأمر برمته لايعنيهم.

إنه مشهد من مشاهد كورونا وتبعيتها. إكتشاف جديد للذات وللأسرة وللحياة عموما.

أى شئ يأتى بالقوة، بقوة القانون يفقد معناه، يتلاشى بريقه، يفقد قيمته. كم جميل لو قررت الأسرة بمحض إرادتها، بعيدا عن “الست” كورونا أن تقضى يوما أسريا مع بعضهم البعض، يعيدون فيه إكتشاف ذواتهم، يتعرفون على بعضهم، يتشاركون، يتبادلون الأدوار. ليفهموا معنى التفاهم، التراحم، المشاركة. يفهموا معنى الأسرة.

By Somaya Zakaria

An Egyptian American citizen. A woman who started a new chapter of her life in her middle age by moving to US. A person who left her comfortable zone to a busy and different kind of life. A wife, mother, grandmother and a writer who wears different hats and enjoys her roles in life. Souma