They and We
نقرت الباب عاملة النظافة فى المدرسة. شابة فى مقتبل الأربعينيات من عمرها. بيضاء البشرة..مشرؤبة بالحمرة. شعرها بنى طويل..تعكصه فى رباط. ترتدى بنطالا واسعا مشجرا وقميصا مشجرا..تتناسق الالوان مع بعضها. تتناسب مع خضرة عينيها التى تشبه الزرع الطازج فى الحقول.
اعرفها منذ فترة ونتبادل الأحاديث القصيرة كلما ذهبت إلى هذه المدرسة. قالت وابتسامتها الحلوة تعلو وجهها..” ممكن إبنى يجى معاى..يلم اكياس الزبالة من الفصول التانية ويرجع ع طول”. قبل ان التفت كان الولد الذى يشبه ملامح امه – .فى الرابعة الإبتدائى يسألنى..”ممكن اروح وآجى بسرعة”.!
خرج مع والدته..وبعد فترة وجيزة عاد..وجلس فى الفصل ليكمل الدرس، كأن شيئا لم يحدث.
الولد..أمه تعمل عاملة نظافة فى المدرسة..يذهب لمساعدتها كل يوم..لا هو يخجل من عمل امه..لا هى تشعرك بالشفقة وتريد أن تدس فى جيبها عدة جنيهات..لا زملاؤه يشعرونه بأنه اقل منهم..ولا هو يشعر بأى دونية او إختلاف عنهم.
بعد عدة أيام عملت فى مدرسة أخرى. فى اثناء فترة الغداء..ذهبت مع التلاميذ لتناول وجبة الغداء. جلسنا جميعا على طاولة الطعام؛ عمال النظافة وبعض العاملين فى قاعة الطعام (الكافيتريا) والمدرسين. بينما التلاميذ فى الطاولات المخصصة لكل فصل.
يحدث هذا فى أعتى بلاد الرأسمالية. بلد بها أغنياء لديهم قصور وزوارق وسيارات فاخرة ، وبعض يكفى قوت يومه بالكاد. ..لازال يوجد فى أمريكا إحتقان وسوء فهم بين االبيض والسود، ..لكن توجد مظاهر كثيرة للمساواة والعدل.
الاديان تحض على المساواة..وخلقكم الله سواسية كأسنان المشط..وخيركم أتقاكم. لكن هل يمكن ان يحدث ذلك فى مصر!! اذكر أن الدنيا قامت ولم تقعد لأن فتاة فى الثانوية العامة تفوقت ووالدها عامل بسيط.، تبارت البرامج الحوارية أن تتحدث عن ذلك.
اعترف أن قليلى/محدودى الدخل هنا لايشعرون بالدونية او الفقر..ولايشعرونك أنهم اقل منك. لاتوجد على وجوههم نظرة الغُلب التى قد تشعر بها فى مصر. هم يؤدون عملا مثل أى احد وفقا لإمكانتهم وتعليمهم وكذلك رغبتهم.
فى مصر يوجد نوع من عدم الثقة بين الفقراء والأغنياء او حتى متوسطى الدخل. يشعر الفقير بالغيظ او الحقد على الغنى. يرى من حقه أن يأخذ مالديه. يميل إلى الكسل..ويرى ان الغنى عليه وواجب عليه أن يغدق عليه ويعطيه من ماله بسخاء. كم منا تشعر أن السيدة التى تأتى لتنظيف البيت قد يكون لديها مهارات إحترافية فى السرقة، ويجب أن تكون تحت الملاحظة طوال الوقت.
القليل منا جدا من يعتبر ان المربية التى تعمل فى البيت هى من افراد الأسرة. اجد صعوبة فى ان ارى الكل فى المدرسة يصطف لتناول الطعام..لا فرق لأعجمى على عربى إلا بالتقوى.
هل سيأتى يوم نتفاخر بالعمل اليدوى وعمل والدينا مهما كان بسيطا!! وهل ستبنى جسور امن الثقة بين الفقراء والأغنياء!! وهل ستساهم
الحكومة فى تقليص الفجوة!! كما يحدث هنا. تنفق اموال الضرائب على نظافة الشوارع، توفير الحدائق العامة، توفير اماكن لاحصر لها “لركن” السيارات واخيرا مساعدة محدودى الدخل..فى دفع فواتير لهم او إعطاءهم كوبونات للطعام food stamps. حتى قيل أن الفقراء لايريدون أن يعملوا بجد..لأنهم يحصلون على فوائد جمة من الحكومة.
هل ستتغير ثقافتنا ونظرتنا إلى بعضنا البعض، لانجعل من أنفسنا حكاما على شخص بمقدار ثروته ونوع سيارته!!ا الأمم لاترقى إلا بعقول وقلوب أبناءها