Categories
My Impressions إنطباعاتى

صاحب الظل الطويل

– Dady-Long-Legs

والمعانى الباقية عبر السنين

“مادام مفيش نادى.. مفيش أصحاب..فى..برد.. فى كورونا.. فى شغل.. فى مدرسة.. مفيش ناس.

الملجأ الوحيد للناس “اللى زى حالاتى” هو القراءة والكتابة. قرأت رواية جميلة مترجمة، للكاتبة الأمريكية جين وبستر -Jean Webster . أول مرة أسمع بها.. وبالطبع أول مرة أقرأ لها.

رواية صاحب الظل الطويل Daddy-Long-Legs تحولت إلى أعمال درامية ومسرحية موسيقية. وتم تمصيرها هنا فى مصر وقدمت كفيلم مصرى بعنوان إبنتى العزيزة.. بطولة الفنان الراحل رشدى أباظة ونجاة الصغيرة.

تحكى الرواية عن فتاة يتيمة فى سن السابعة عشر. نشأت فى ملجا. أنهت دراستها الثانوية ولايحق لها بعد الآن أن تعيش فى الملجا أو أن يتكفل بنفاقاتها. بل لقد كان الملجا كريما معها وتركها تعيش عامين أخرين لقاء عمل تقوم به من رعاية الأيتام الصغار الأخرين.

وهى على وشك أن تغادر الملجأ بعد أن أعدت وأهتمت بأمسية يوم الأربعاء الأخير للأوصياء الذين يتبرعون بأموالهم لكفالة هؤلاء الأيتام.. تدعوها مديرة الملجأ للقاءها.

تذهب متخوفة.. قلقة.. لتعلم أن أحد الأوصياء وافق على التكفل بنفاقات تعليمها الجامعى لمدة أربعة أعوام مع تخصيص مصروف شهرى لنفاقاتها الخاصة لتكون فى نفس مستوى زميلاتها فى الجامعة. بشرط أن تكون كاتبة.. وترسل له رسالة كل شهر تخبره عن دراستها وعن حياتها فى الجامعة الداخلية. فهو يرى أن الكاتب الجيد يبدأ بكتابة الرسائل التى تنمى موهبته.

أخبرتها مديرة الملجا.. أن الثرى الكريم يرفض أن تعرف أسمه..وأنه لن يكتب لها أبدا فى المقابل. واذا كان هناك أى أمر يتعلق بالنفقات أو خلافه فسوف تسمع من أمين سره (سكرتيره) الذى سيبلغها بأى شئ.

رغم هول المفاجأة الا أن البطلة شعرت بالسعادة. وتدور الرواية حول الرسائل المتعددة التى ترسلها البطلة إلى ولى أمرها المجهول. والتى لم تعرف شيئا عنه سوى أنه بالغ الطول.

من خلال رسائل البطلة تتبين الحياة فى الجامعة.. علاقات الطالبات بعضهن ببعض.. الفتيات الأثرياء وحياتهن. مشاعر فتاة شابة ليس لها أى أهل.. لاتعرف أنسابها أو أصلها. تتعرف من هذه الرسائل على موهبتها الفذة فى الكتابة والقدرة على التعبير.

تقول البطلة أنها لاتعرف أى شكل من أشكال الأسرة.. فهى نشأت وعاشت فى ملجا. أنها لو تتمنى لو تجلس على مائدة طعام مع أهل لها.

تقول ان الأنسان لايقاس بثراءه ولكن بحجم من يحبونه ويحيطون به.

فى أحدى المرات تدعوها إحدى زميلاتها فى الجامعة لزيارة مزرعتها فى الأجازة الصيفية. خلال هذه الزيارة تقع فى غرام أقرباء هذه الفتاة التى تتبين المفاجاة فيما بعد أنه صاحب الظل الطويل.

الرواية تتميز بالعذوبة. الوصف البسيط الذى يجعلك تعيش تعاسة البطلة ولكن تحيا مع طموحها ونجاحها. وفعلا تصبح كاتبة قصة وتقوم بنشر قصصها وتتقاضى مالا نتيجة لذلك.. وتريد أن تقوم بتسديده إلى ولى أمرها. وعندما تذهب إلى زيارته فى مزرعته.. تعرف أنه حبيبها.

كاتبة الرواية جين وبستر( 1876 – 1916) نشأت فى أسرة أمريكية عريقة ثرية.. وحاولت جين أن تثبت نفسها وتثبت أقدامها فى عالم الكتابة الصحفية والأدبية. ولاتستمد شهرتها من إرث عائلتها العريق وعلاقاتها بالكاتب الأمريكى الشهير مارك توين.

كان همها الأول الإهتمام بالأطفال الأيتام وتحسين مستواهم المعيشى. وإستطاعت من خلال أعمالها الفنية أن تسهم كثيرا فى إرتفاع مستواهم المعيشى.
أتقنت الكاتبة الإنجليزية والفرنسية والإيطالية. ورغم سنوات عمرها القصيرة 39 عاما إلا أنها أنتجت الكثير من الروايات التى تحولت إلى أعمال مسرحية وأفلام سينمائية. مثل أميرة القمح (1905) ▪جيري جونيور (1907) – عزيزى العدو (1915).

فقدت جين حياتها وهى فى التاسعة والثلاثين من عمرها عندما وضعت مولودتها الأولى بعد يومين من ولادتها.

تعتبر الترجمة البطل الرئيسى فى هذه الرواية. فقد أتقنت الأستاذة بثينة إبراهيم الترجمة . أستطاعت أن تنقل افكار ومعانى الرواية وحتى الخلفية الثقافية لكثير من الأحداث بحرفية ومهنية وأمانة رائعة.

تظل معانى الكاتبة شاخصة أمامنا وتعيش فى وجداننا رغم مايزيد عن المائة عام. عن معنى الأسرة.. قيمة الأنسان بعمله وليس بحسبه ونسبه.. الحب.. والعطاء بلا حدود.

كتاب قرأته، أعجبنى.. فكتبت عنه.

Categories
My Impressions إنطباعاتى

أطفال بلا منازع

كانوا فى الخامسة من أعمارهم.. لم يكن بهم أى حلاوة.. لا بشرة ملساء.. لا أعين زرقاء.. لا شعر أشقر لامع أو بنى كستنائى غزير. تبدو عليهم إمارات الفقر. بشرتهم سمراء.. والبعض منهم بشرته سمراء داكنة.. شعرهم مجعد.. فقد منهم بعضا من أسنانه اللبنية إستعدادا للحصول على اسنان جديدة.

قلت لنفسىى.. “أنا لسة حاقرد، أطفال خمس سنين.. حاتتقدرى عليهم إزاى.! لا ياسومة أنت مش عسل خالص”.

مع الأطفال الصغار. البراءة الحقة.. اليد التى أمسكها لتكتب الرقم 7 والرقم 4 صحيحا وليس معكوسا. كيفية كتابة الأرقام.. والحروف. كانوا يطلبون منى ان ارى المكعبات عندما يقومون ببناءها..قضيت يوما جميلا..عفويا.

العذوبة بحق.. التلقائية.. الطفولة النقية بلا منازع. كم أنت عظيم ياإلهى.. خلقت الإنسان بجماله ونقاءه الذى لاعلاقة بمظهره، شكله أو تقاطيع وجهه.

أمضوا اليوم بحاله لا يستطيعون تذكر إسمى. أمضيت اليوم بأكمله.. أحاول أن أنطق أسماءهم صحيحة.

فى حصة الرسم دخلت المعلمة. شابة جميلة أنيقة. أعطت لكل طفل ورقة مرسوما عليها قلبا. طلبت منهم أن يختاروا ثلاثة ألوان يحبونها. يقومون بتلويين القلب – بمناسبة ال Valentine – عيد الحب. بعدها سألتهم أن يقصوا هذا القلب ويقومون بلصقه على ورقة أخرى. ويكتبون عليه أحبك.. باللغة الأنجليزية. سألتهم لمن تهدون القلب.. قال منهم إلى “ماما”، قال أحدهم إلى جدتى وقالت أخرى إلى والدى، أشار طفلة على وقالت إلى ميس … ولم تكمل عبارتها.. الله!!

نصحتنى ذات مرة زميلتى فى العمل بألا أعمل مع الأطفال الصغار لأنهم “متعبين”. لكنى إكتشفت إنى احب اللعب مع الصغار. فى كثير من الأحيان لاأشعر انى معلمتهم..بل جدتهم!!

الأطفال أحباب الله حقيقة دامغة لاتقبل الشك.. الأطفال أحبابى.. حقيقة مؤكدة بلا منازع.

Categories
My Impressions إنطباعاتى

قصة وصورة

Happy Valentine

النهاردة..الشاب الوسيم اللى واقف جنبى..أحضر هذه الوردات الجميلة..ذات الرائحة العطرة وأعطى لكل واحدة منا وردة جميلة..قام بتوزيع الباقى على طاقم المدرسة بمناسبة عيد الحب Valentine Day.

الحب لا علاقة له باللون..بالجنس..ولا الدين..الحب معنى وقيمة رائعة..من يفقدها..فقد الحياة.

أحبوا أنفسكم..احبوا اخوتكم..احبوا الحياة..

أحبوا..تصحوا.

Categories
My Impressions إنطباعاتى

مزايا كورونا فى المدارس

لاول مرة أكتشف ان لكورونا بعض المزايا فى المدرسة
.لاحظت ان عدد التلاميذ أقل بكثير من المعتاد . لايتعد خمسة أو ست فى الفصل الواحد.

فى السابق..قبل “اللى ماتتسمى..كورونا”. كنا نصطحب الأطفال إلى دورات المياه حوالى ٤ مرات فى اليوم. نقف وننتظرهم..نوجههم إلى ضرورة غسل الأيدى..ثم نصطحبهم الى صنابير المياه للشرب. هذا العمل السخيف المزعج كان يستغرق حوالى ١٥ دقيقة او ٢٠ دقيقة فى المرة الواحدة وفقا لعد الاطفال وتبعا لسلوكياتهم. الآن يسمح لتلميذ واحد فقط بالذهاب بمفرده إلى دورة المياه..دون الحاجة لتواجد المدرسة.

التلاميذ الآنصبح الآن يذهبون إلى قاعة الطعام ويحضرون غذاءهم. يتناولونه فى الفصل. لاداعى للمعلمة ان تصطحبهم إلى قاعة الطعام. تنتظرهم حتى يحضرون طعامهم. تجلس معهم على المائدة المخصصة لهم. تراقبهم وتتحمل ضوضوء القاعة المليئة بالعديد من التلامبذ والمدرسين.

فى كثير من المدارس الآن تحضر المسئولة الطعام الى الفصل طبقا لعدد التلاميذ. ” ياعنى لا بنروح ولانيجى .. آخر راحة واخر حلاوة.
.
كل صنابير المياه التى يشرب منها التلاميذ مغلقة. كل فرد عليه ان يحضر مياه الشرب المخصصة له او يبتاعها من الماكينات السريعة للشراء. وهذا معناه..لامزيد من الاعذار للخروج من الفصل لشرب المياه!!

إلى حد كبير. العمل فى المدارس أصبح اكثر تسلية. أقل ضغطا واخف توترا. الحمد لله.

ياسلام عليك ياكورونا..طلع لك فايدة ف حاجة!!.





Categories
My Impressions إنطباعاتى

هل المرأة تساند المرأة

Do Women support each other!!

3 فبراير بادر إلى ذهنى هذا السؤال أحيانا من حين إلى أخر.. وأتساءل أننا دائما نضع اللوم على الرجل فى أنه يقف حجر عثرة أمام تقدمنا نحن النساء، ولايساندنا فى تحقيق ذواتنا.  نرى أن الرجل يثقلنا بالمسئوليات والمهام/ بينما يتفرغ هو إلى بناء ذاته، وتحقيق طموحاته!!

لكن ترى هل نحن النساء نساعد بعضنا البعض!! هل لهذا السؤال علاقة بالثقافة.. بالشخصية وكذلك بالعمر!!

فى مشوار حياتى لايمكن أن أنسى النساء اللاتى قمن بمساعدتى، الوقوف بجانبى، تشجيعى،  إبداء النصيحة الأمينه لى، دفعى إلى الأمام ومعاونتى فى أن أحصل على فرصتى ف العمل والترقى.  لكن القليل منهن تجشم أى عناء أو مجهود لمساعدتى.. ليس أنا تحديدا، لكن على الوجه العام.

يبقى الرجل هو الفاعل والمؤثر فى حياتنا نحن النساء.  قد يؤثر بالسلب، فى عدم التشجيعا، وإلقاء الأعباء.. لكن كثيرا مايؤثر بالإيجاب. فى التشحيع، التوجيه، تحمل المسئولية وتبادل الأدوار.

يحضرنى هذا الحديث الآن.. لأن المدارس التى يكون الناظر فيها “رجلا” تكون فاعلة أكثر.. يكون الجو العام للمدرسة أكثر ودا.  لاأذكر أى ناظر مدرسة سألنى عن عملى أو راقبنى فيه.  الرجال يهتمون بالنيجة، لايأبهون بالتفاصيل.  الرجل يرى المرأة جميلة، لايهتم إن كانت تضع رموشا صناعيا، تتضع مساحيق على وجهها، أنها أمضت ساعات حتى تظهر له كمايراها .. جميلة!!

نحن النساء.. نعشق التفاصيل.  ففى المدرسة تأتى ناظرة المدرسة إلى الفصل كل عشر دقائق.. تنظر إلى الفصل.. تراقبنى، تنظر إلى ساعتها فور حضورى، تطلع على ساعتها وقت الإنصراف. 

أرجو الايتضايق منى النساء، لكن على مستوى المساعدة والتزكية والحديث بإيجابية عن الأخرى قليلا مايكون.

رغم عنا نشعر بالغيرة.. رغم عنا تعمل عقولنا فى عمليات حسابية سريعة للمقارنة،  هذه المقارنات بين النساء والغيرة التى قد تتضاءل مع التقدم فى العمر، تقف عقبة أمام تقدم النساء ومساندة بعضهن البعض.

ليس لذلك علاقة بالثقافة بقدر ماله علاقة بالوعى.  وعى المرأة لزميلتها المرأة خاصة فى مجال الأعمال،  أن نجاح إمرأة أخرى لايقلل من نجاحك وأن جمال إمراة أخرى.. ليس معناه أن يتقازم الإنسان ويخاف.. ويعيش ف مقارنات بالية لاتقدم ولاتؤخر.

فأصنع الخير فى موضعه أو غير موضعه.. لأنه سيأتى ثماره حتما.. ولانركن الى كل عثراتنا إلى السادة الرجال دائما!!

Categories
My Impressions إنطباعاتى

Shayan – شايان

إقتربت منى طالبة جميلة فى الصف الأول الثانوى قالت لى “ألا تذكريننى!! أنى شايان وقد كتبتى لى إسمى باللغة العربية والحروف الأبجدية عندما كنت فى المرحلة الإبتدائية. لازلت أحتفظ بهذه الورقة.

لم أصدق ماسمعته. الفتاة أصبحت شابة جميلة.. رغما عنى لا أذكرها. فالمدارس كثيرة، والطلبة اكثر ووقت طويل قد مضى.

ظلت صورة “شايان” حاضرة فى ذهنى. أبحث عنها أحيانا عندما أذهب إلى مدرستها، أتذكرها وأحيانا أجدها تقف أمامى. تقول لى “عرفت يا ميس سومة انك موجوده النهارده فى المدرسة.. جيت أسلم عليك”.

ماأجمالك ياشايان!! ماأرق كلماتك وأعذب صوتك وطيبة قلبك.. جعلتينى أحب مدرستك لكى ألقاك. تبثين فى روحا إيجابية ومشاعر جميلة. دون أن تقصدين تجعليننى أشعر بالألفة والمودة التى تجمع البشر دون جدران رغم الكثير والكثير جدا من الإختلافات.

فى المدارس لايعرفون شيئا عن اللغة العربية – لغة الضاد. أحيانا يطلب البعض أن أنطق بضع كلمات باللغة العربية. تزداد حيرتهم حينما أكتب لهم أسماءهم بالعربى..أو أدون لهم حروفنا الأبجدية. منهم من يحاول أن يكتب إسمه بالعربى مبتدأ من الشمال إلى اليمين!!

يسعدنى رد فعلهم الذى لم يتغير أبدا – جميل كأنك ترسمين ” cool, it is like drawing” . تزداد حيرتهم حينما يروننى أمسك بضفتى كتاب عربى.. يقولون فى تعجب “بتعرفى تقرأى ده” ثم يضيفون أنى أقرأ وأكتب “بالشقلوب”. فأقول أنى أكتب مختلفا.

كم أتمنى أن أعلمهم بعض العربى.. كم أتمنى أن أصحبك معى ياشايان إلى مصر.. لتعرفى أننا بلد عظيم عريق رغم كل مامر ويمر به.

رغم تحفظنا على التعليم فى مصر إلا أننا نتعلم أكثر من لغة حتى فى المدارس التجريبية أو حتى المدارس الحكومية، فرنسى أو ألمانى بجانب العربية والإنجليزية، لكن التلاميذ هنا لاتتعلم سوى اللغة الأسبانية فى الصف الأول الثانوى، وهى اللغة الثانية فى أمريكا. ينسونها عندما ينهون المرحلة الثانوية طالما لم يستعملونها.

قررت فى زيارتى الأخيرة لمصر أن اشترى هدية لشايان من خان الخليلى. من حسن الحظ أنى ذهبت إلى مدرستها للعمل بعد عودتى من مصر. للأسف لم أذكر أى فصل تكون. فى نهاية اليوم وجدتها تدخل الفصل الذى أعمل به. رغم برودة الجو كانت تتصبب عرقا. قالت لى فى تلقائيتها المعتادة.. “كنت فى رحلة مدرسية.. علمت بوجودك اليوم فى المدرسة”!! ماأجملها، أحتضنتها.. أعطيتها هديتها، كانت مغلفة فى ورق.. أخذتها فى عجل وقالت تود أن تلحق الفصل لتعرف مايجب عليها فعله.

تمنيت فى قرارة نفسى لو كانت فتحت الهدية.. فهى شنطة فرعونية من شنط خان الخليلى، لكى أرى تأثير المفاجأة عليها. فالهدية لاتسعد من يتلقاها بل من يحضرها كذلك. تشعره أنه قادر على إدخال البسمة لأحد.

لكنها شايان.. إبنتى الجميلة الرقيقة. عادت إلى بعض دقائق وقبل إنتهاء اليوم الدراسى وهى تضع “الشنطة” الصغيرة فى ذراعها وتمطرنى بأحلى القبلات. الله..

ماأجملك ياشايان!!

Categories
My Impressions إنطباعاتى

توصيل الطعام للمنزل

Meals on the Wheel

ذهبت اليوم مع صديقتى التى تخطت السبعين بقليل وأختها التى إقتربت من الثمانين بقليل لتوصيل الطعام إلى الفقراء أو المسنين.

تتمتع صديقتى الغالية وأختها بلياقة جسمانية رائعة، صحة نفسية جيدة، وكفاءة ذهنية عالية. لاأشعر أبدا فى وجودى معهما أنهما مسنات، بل شابات. تتلاشى التجاعيد وآثار السنين خلف النشاط والحيوية وحب الحياة الذى يتمتعان به.

يقوم الأختان بهذا العمل فى الجمعة من كل أسبوع منذ مايزيد عن العشرين عاما. تقليد شائع فى مدينتى الصغيرة، وفى أنحاء الولايات المتحدة يطلق عليه meals on the wheels بمعنى توصيل الطعام بالسيارة إلى المنازل.

أخذنا “صوانى” الطعام النظيفة والمغلفة مع قائمة بالأسماء والعناوين. قاما بتقديمى إلى إدارة الجمعية الغير حكومية المسئولة، يطلق عيها طريق واحد ” United Way” على إنى من مصر، وأريد أن أتعرف أكثر على هذه التجربة. رحبت بى المسئولة قائلة ” أهلا بك، نرحب بتطوعك فى أى وقت”.

ذهبنا إلى كل بيت وكنا نقدم له الطعام، الذى يتميز بالنظافة وحسن المنظر والترتيب. كان يفتح لنا الباب رجل مسن أو إمرإة عجوزتعيش بمفردها. ربما بإختيارها، أو لأن الظروف فرضت عليها ذلك. فالحياة الممتدة هنا فى أمريكا والتى تجعل الأولاد يتركون البيت مبكرا بحثا عن حياتهم ومستقبلهم لاتترك للوالدين اختيار سوى العيش بمفردهم.

الناس الذين يتلقون الوجبات إما فقراء مسنين لايملكون دفع ثمن الوجبة اقل من ($5) أو مسنين ميسورى الحال بعض الشئ ، ليس لديهم من يطهو لهم الطعام، أو لايستطيعوا الطهى بأنفسهم، يدفعون ثمن الوجبات أسبوعيا.

حرصت صديقتى العزيزة أن تقوم بتقديمى إلى متلقى الطعام، حين ندلف إلى الداخل ونضع ” صينية” الطعام، أوقد يستقبلنا الشخص عند مدخل البيت.

تحدث منهم عن مرضه وأنه سوف يذهب للعلاج الكيماوى الأسبوع المقبل. قالت اخرى إنها تنتظر أولادها لإصطحابها فى نزهة اليوم. أخرى أخذت وقتا طويلا لتنطق إسمى “سومة”.

ذهبنا إلى إحدى دور المسنين التى تتميز بالنظافة المتناهية، الترتيب والهدوء. كل فرد له غرفته إلى جانب أماكن فى الداخل والخارج للجميع. ” صورة المبنى الكبير”.

قمنا بتوصيل الطعام إلى إحدى المساكن الشعبية والتى تشبه “كومباوند” راقى فى مصر. صعدنا إلى الدور الثالث حيث قدمت الطعام لأم شابة وإبنها المعاق، والذى تبينت أنه أحد التلاميذ الذين أعرفهم. ” صورة المبنى متعدد الطوابق”.

أماكن الإسكان الشعبى والتى تتميز بالجمال والرقى، تقدمها الحكومة لمحدودى أو معدومى الدخل إما مجانا، أو لقاء مبلغ بسيط جدا بناء على مستوى دخل الفرد.

الحكومة الفيدرالية تعرف مستوى دخل كل فرد، ماعليه من ضرائب وبناء عليه تقرر مستوى وشكل المساعدة التى قد يحتاجها. قالت لى صديقتى أن الأغنياء يحصدون الأموال، الفقراء يحصلون على كافة المساعدات المختلفة، أما الطبقة المتوسطة فهى التى تدفع كل الأعباء!!

يتم معاملة كبار السن – يطلقون عليهم seniors”” بكل إحترام وتقديرإلى جانب الإنسانية المفرطة. لهم تخفيضات فى كل شئ، أماكن خاصة للصعود والهبوط، أماكن الجلوس فى المتنزهات.، أو المواصلات العامة.

ودعت صديقتى وأختها بعد أن قمنا بتوزيع حوالى 12 وجبة على عدة منازل فى أماكن متفرقة. إستغرق الوقت حوالى ساعتين.

تساءلت هل يمكن تقديم وجبات بسيطة نظيفة للأسر الفقيرة فى مصر!!. هل الجمعيات الأهلية وأماكن العبادة ونوادى الروتارى والليونز يمكن أن تفعل شيئا من هذا القبيل بهذا الترتيب والنظافة والإنسانية!!. أتمنى وألف أتمنى.

Categories
My Impressions إنطباعاتى

هم ونحن

They and We

نقرت الباب عاملة النظافة فى المدرسة. شابة فى مقتبل الأربعينيات من عمرها. بيضاء البشرة..مشرؤبة بالحمرة. شعرها بنى طويل..تعكصه فى رباط. ترتدى بنطالا واسعا مشجرا وقميصا مشجرا..تتناسق الالوان مع بعضها. تتناسب مع خضرة عينيها التى تشبه الزرع الطازج فى الحقول.

اعرفها منذ فترة ونتبادل الأحاديث القصيرة كلما ذهبت إلى هذه المدرسة. قالت وابتسامتها الحلوة تعلو وجهها..” ممكن إبنى يجى معاى..يلم اكياس الزبالة من الفصول التانية ويرجع ع طول”. قبل ان التفت كان الولد الذى يشبه ملامح امه – .فى الرابعة الإبتدائى يسألنى..”ممكن اروح وآجى بسرعة”.!

خرج مع والدته..وبعد فترة وجيزة عاد..وجلس فى الفصل ليكمل الدرس، كأن شيئا لم يحدث.

الولد..أمه تعمل عاملة نظافة فى المدرسة..يذهب لمساعدتها كل يوم..لا هو يخجل من عمل امه..لا هى تشعرك بالشفقة وتريد أن تدس فى جيبها عدة جنيهات..لا زملاؤه يشعرونه بأنه اقل منهم..ولا هو يشعر بأى دونية او إختلاف عنهم.

بعد عدة أيام عملت فى مدرسة أخرى. فى اثناء فترة الغداء..ذهبت مع التلاميذ لتناول وجبة الغداء. جلسنا جميعا على طاولة الطعام؛ عمال النظافة وبعض العاملين فى قاعة الطعام (الكافيتريا) والمدرسين. بينما التلاميذ فى الطاولات المخصصة لكل فصل.

يحدث هذا فى أعتى بلاد الرأسمالية. بلد بها أغنياء لديهم قصور وزوارق وسيارات فاخرة ، وبعض يكفى قوت يومه بالكاد. ..لازال يوجد فى أمريكا إحتقان وسوء فهم بين االبيض والسود، ..لكن توجد مظاهر كثيرة للمساواة والعدل.

الاديان تحض على المساواة..وخلقكم الله سواسية كأسنان المشط..وخيركم أتقاكم. لكن هل يمكن ان يحدث ذلك فى مصر!! اذكر أن الدنيا قامت ولم تقعد لأن فتاة فى الثانوية العامة تفوقت ووالدها عامل بسيط.، تبارت البرامج الحوارية أن تتحدث عن ذلك.

اعترف أن قليلى/محدودى الدخل هنا لايشعرون بالدونية او الفقر..ولايشعرونك أنهم اقل منك. لاتوجد على وجوههم نظرة الغُلب التى قد تشعر بها فى مصر. هم يؤدون عملا مثل أى احد وفقا لإمكانتهم وتعليمهم وكذلك رغبتهم.

فى مصر يوجد نوع من عدم الثقة بين الفقراء والأغنياء او حتى متوسطى الدخل. يشعر الفقير بالغيظ او الحقد على الغنى. يرى من حقه أن يأخذ مالديه. يميل إلى الكسل..ويرى ان الغنى عليه وواجب عليه أن يغدق عليه ويعطيه من ماله بسخاء. كم منا تشعر أن السيدة التى تأتى لتنظيف البيت قد يكون لديها مهارات إحترافية فى السرقة، ويجب أن تكون تحت الملاحظة طوال الوقت.

القليل منا جدا من يعتبر ان المربية التى تعمل فى البيت هى من افراد الأسرة. اجد صعوبة فى ان ارى الكل فى المدرسة يصطف لتناول الطعام..لا فرق لأعجمى على عربى إلا بالتقوى.

هل سيأتى يوم نتفاخر بالعمل اليدوى وعمل والدينا مهما كان بسيطا!! وهل ستبنى جسور امن الثقة بين الفقراء والأغنياء!! وهل ستساهم

الحكومة فى تقليص الفجوة!! كما يحدث هنا. تنفق اموال الضرائب على نظافة الشوارع، توفير الحدائق العامة، توفير اماكن لاحصر لها “لركن” السيارات واخيرا مساعدة محدودى الدخل..فى دفع فواتير لهم او إعطاءهم كوبونات للطعام food stamps. حتى قيل أن الفقراء لايريدون أن يعملوا بجد..لأنهم يحصلون على فوائد جمة من الحكومة.

هل ستتغير ثقافتنا ونظرتنا إلى بعضنا البعض، لانجعل من أنفسنا حكاما على شخص بمقدار ثروته ونوع سيارته!!ا الأمم لاترقى إلا بعقول وقلوب أبناءها

Categories
My Impressions إنطباعاتى

هو وأنا

إمتدت أناملى تبحث عنه..لم أجده. تذكرت أنه حرمنى وجوده. رفض صحبتى. قمت متململة.. أستعلم الوقت. لازال الوقت مبكرا. اليوم بطئ، .. جدا مع الصمت المطبق حولى.

شعرت بالحزن لفراقه.. أطفأ ضوءه.. تعالى على. لم أعد قادرة على العيش بدونه.

أسبوع كامل.. أسبوع طويل، ممل. طالبت نفسى بالصبر والقدرة على التحمل.. طالبتها بالتعامل.. بالمرونة.. أطالبها دائما بالكثير وأقسو عليها أحيانا.

أسبوع بالكامل أخرج من بيتى. يضيع وقتى. تهدر طاقتى ، أبحث عن حل، عن أحد يساعدنى. أعود يائسة. محبطة.

لم أكن أعرف أنه بهذه الأهمية وهذه القيمة فى حياتى. البدائل ليست مثله. قلت “عمار يامصر” لو كنت ذهبت إلى أى محل “موبايلات” كان فى دقائق فك طلاسم هذه الموبايل العزيز. لو طالته أصابع أولاد أخى الصغار.. لتمكنوا فى لحظات أن يريحونى.. ويقولون لى “عمتو دى حاجة بسيطة”!! يا لا عظمة المصريين وجمالهم!! أما “التناكة” من العاملين فى مجال تصليح الموبايلات هنا..حدث ولاحرج.. سخافة إلى جانب الجهل.

ضائعة هنا. أنتظر تشريف التيلفون الجديد الذى عملت له طلبا من على “النت”. حتى يأتى الزائر الجديد فى وقته.. فى تؤدة. ملل. كيف أعيش وأنا منفصلة عن عالمى.
مهما إستعملت “اللاب توب” تظل حبيبى أنت العزيز والأغلى.

أنفصل عن العالم. لاتصلنى رسائل نصية، ولو بالخطأ. لاأسمع رنينا. يارب.. كم أحتاج إلى صبر!! أللا تكفى كورونا، ساعات اليوم الطويلة.. وحيدة. بلا عمل يذكر.. بلا أصدقاء.

لم أكن أعرف إلى هذه الدرجة أصبح الموبايل جزءا هاما وأساسيا فى حياتنا. إن أختفاءه عدة أيام جعلنى أشعر أنى فقدت قريبا.

فى عز يأسى وجدت محلا صغيرا فى “المول” ذهبت إليه. بعد محاولات مستميتةوأيام عدة، أعاد الضوء إلى “موبايلى” ورد إلى الحياة.

الحمد لله.

Categories
My Impressions إنطباعاتى

لا لكبر السن..لا للعنف

العمل التطوعى

أمضيت ثلاثة أيام فى الفراش جثة هامدة. دور برد وألم حاد فى المعدة أفقدنى القدرة على الحركة تماما.

ولأن لايمكن أن أذهب ألى الصيدلية واشترى علبة اوجمانتين – مضاد حيوى 1000 واخد منه. لانه ممنوع. ويجب المضاد الحيوى يصرف بوصفة طبية من الطبيب. فكان لزاما أن اذهب للطبيب لأحصل على الدواء وأخضع للعلاج.

كان لدى دعوة للغداء يوم السبت من هيئة تعمل لتجنب العنف ضد النساء تقديرا لعمل تطوعى قمت به منذ فترة. نظرت إلى نفسى فى المرآة فرأيت اثار العجز وتقدم العمر..والشعور بالضعف الجسمانى..وربما النفسى. قلت لنفسى..”شوية برد يعملوا فيك كده ياسومة ياعسل”.

نازعتنى نفسى فى ان أذهب وألبى الدعوة..شجعنى زوجى على الذهاب. حمدت ربنا على الأحمر والأبيض “اللى بيخلى الستات حلوة وصغيرة…والأهم بيخلينا نحس بالسعادة والثقة”.

“حطت فرشاه كده وفرشاة كده.” “وشوفت خاضار كثير وقليل..مش عارفة من غير المكياج أوالميك اب ازاى ممكن اواجه العالم”. لبست الفستان والحذاء العالى. اخذت دواء للطاقة حتى استطيع أن اصمد.

وصلنا إلى المكان الذى يبعد عنا ساعة وأربعون دقيقة. مكان جميل وجديد. المنظمون على الغداء كانوا فى غاية الود والذوق..أثنوا على المتطوعين الذين هم من جنسيات مختلفة مثل الهندية، المصرية، الباكستانية والأسبانية. قدموا لنا هدايا رمزية. قالوا أن العنف واحد..يحدث فى بلدان كثيرة مهما تعددت واختلفت لغتها.

المتطوعون ساهموا إما بوقتهم..بمعرفتهم..بمساندتهم لقضية القضاء على العنف الأسرى والتحرش الجنسى. كان دورى فى ترجمة الدليل الخاص بالأرشادات والمساعدات التى تقدمها الهيئة لدرء العنف ضد النساء.

حمدت الله على لغتنا العربية الجميلة لكى احول هذا الدليل من اللغة الأنجليزية إلى لغة الضاد ليتعلم منه من يتعلم.

نسيت البرد والام الصدر واوجاع المعدة وسط الإحساس بالتقدير والشعور بالقدرة على العطاء..حتى لو كان تطوعا.