Categories
My Impressions إنطباعاتى

I’m back

Hi everyone

I’m back. You may not notice my absence but I noticed yours.

I’m back to share my tales, my experiences, my readings and above all to be among you.

Wait for my tales. Miss you all.

Souma

Categories
My Impressions إنطباعاتى

ميس ش

منذ إقامتى فى هذا المنزل والتى تجاوزت خمسة أعوام، لم أتبادل سوى بضع كلمات مع جارتى ، ميس (ش).

أمريكية من أصول أوروبية. مكتظة الجسم.. ترتدى دائما الملابس الأمريكية الصيفية من شورت أو فساتين قصيرة.. مفتوحة. تخطت الخامسة والستين أو يزيد.

دائمة الجلوس فى مدخل منزلها. تدخن سيجارتها. تمسك بتليفونها المحمول. لاتبادل التحيات أو السلام مع أحد من الجيران.

أحيانا ميس “ش” تمتطى عربة “قطع” الزرع وتقوم بقص زرع حديقتها. فى هذا الصيف لمحتها تقوم بطلاء باب الجراج.

عندما يشتد الصيف، تلقى بجسدها فى “حمام سباحة” بيتها. أحيانا تأتى إبنتها وطفلتيها الرائعتين مابين سن الثالثة والخامسة . ينزلون جميعهم فى المغطس.. تصلنى ضحكاتهم الصغيرة، كلماتهم، وهمهاتهم. ماأجمل العائلة!! ماأحلاها صحبة.

المرة الوحيدة التى تحدثت فيها مع “ميس ش”عندما سألتها عن أفضل مبيد حشرى للتخلص من الحشائش الزائدة فى الحديقة. وكنت أحاول أن أفتح معها حوارا. ساعدتنى وإنتهى.

يختلف عنها صديقها تماما. دائم الكلام مع الجميع. حكى لى عن لحظة إغتيال السادات. يهوى التاريخ. كثير العمل فى زراعة حديقة منزلهم. قص الزرع.

فى يوم ما وجدت “كيسا” كبيرا مملؤا بالخضروات الطازجة، فاصوليا خضراء، كوسة، فلفل رومى وخيار. تعجبت من الذى وضعه على عتبة الباب دون إشارة إلى هويته!!.. بعد محاولات، عرفت أنها جارتى الصامتة مييس “ش”. باكورة إنتاج حديقتها. قامت بوضع مثل هذه “الأكياس” إلى الجيران الأخرين. إنها طبيعة البشر تختلف من شخص لأخر.. فهى تبدو ليست ودودة أو إجتماعية.. لكنها على قدر من الكرم والذوق. تمنيت لو أستطيع أن أشكرها لكنها تفضل الا تتحدث مع أحد. بلغت صديقها بشكرنا.

منذ فترة لاحظت غياب سيارة جارتى ميس “ش”. هى دائمة ملازمة للبيت. نخرج جميعا.. ونعود لنجدها جالسة فى مدخل منزلها.

قلت ربما تراعى حفيدتيها لكن غيابها طال. إختفت سيارتها بالساعات. بعدها علمت أنها عادت إلى العمل. نعم عادت إلى العمل كممرضة فى إحدى المستشفيات التى تبعد عنا حوالى الساعتين بالسيارة. تخرج بسيارتها حوالى الرابعة عصرا لتعود فى اليوم التالى فى الثامنة صباحا. كل يوم ماعدا عطلة نهاية الأسبوع. تعمل ممرضة فى زمن كورونا!! لماذا.!! سؤال وجهته لنفسى!! لماذا!!!

ماالذى يدفع إمرأة ستينية أو ربما سبعينية أن تذهب للعمل فى هذه الظروف! تختلط بمرضى فى زمن الأوبئة!! مالذى يزج بها إلى القيادة فى هذا الجو الممطر العاصف الذى يجتاح مدينتى لايفرق بين صيف أو شتاء!! مالذى يجعلها تترك منطقتها الهادئة المريحة comfort zone، حمام السباحة، الحفيدات لتقتل نفسها فى هذا العمل المضنى الشاق!!. بالتأكيد ليس بسبب “الفلوس”!! هل بسبب الملل!! ربما. هل فراغ!! يجوز. هل العائد المادى مغريا إلى حد عدم الرفض!. لاأعلم.

لكنه عشق الحياة Passion . العشق الذى يجعلك تتمسك بحقك فى أنك لازلت قادرا على العطاء. “أن لك لزمة” دورك لم ينته. الفرق بين الدول الكبرى والدول النامية. الدول التى لديها من المشكلات من طلاق، إدمان تشرد أطفال لكن شعبها يرتدى أحسن ماعنده..يبدأ يومه ويعمل، بينما الأخرى تتعلل بالظروف. بلدان تضع سياجا حول شجرة إذا ما رأتها قد تسقط.. أخرى “تجز” أشجارها بلا رحمة. قدرة هذا الشعب على البدء فى منتصف الطريق. آخره. أوحتى تغيير المسار دون أن ينتبه لدواعى العمر.

ربما تعمل جارتى حتى عملا تطوعيا كى تشعر بقيمتها. بخبرتها تستطيع أن تساعد. تقدم.شيئا. تفيد أحدا. تداوى مريضا أو تشفى عليلا.

بغياب ميس “ش” معظم الوقت، وإنتقال جارتى المجاورة إلى مسكن آخر، أصبح المربع الذى أعيش فيه شبه مهجور. إزداد شعورى بالوحدة. تملكتنى الكآبة. تعمقعت داخلى فجوة الإغتراب. فقررت أن….

إلى لقاء آخر.

Categories
My Impressions إنطباعاتى

عودة الحياة إلى الحياة

عادت مدراس المقاطعة هذا ة County School ل الأسبوع إلى كامل عملها. التلاميذ جميعهم فى الفصول.. طاقم التدريس فى قاعات الدرس.

إبتكرت هذه المدارس طريقة طريفة جدا للتعليم. المعلم الذى يعلم التلاميذ فى الفصل يستطيع التلاميذ الذين يجلسون فى البيوت أن يتابعوا الدرس تماما كأنهم حاضرون فى الفصل. والعكس صحيح. بمعنى المعلم الذى يفضل أن يعلم التلاميذ من على بعد لأن لديه ظروف تمنعه من الحضور إلى المدرسة. يقوم بفتح الشاشة ويقوم بالشرح للتلاميذ وهو فى البيت وهم فى الفصل المدرسى. تتم المتابعة بواسطة معلم فى الفصل. الله على العلم.. الله على التكنولوجيا. الله على الإنسان القادر على الإبتكار والتأقلم.

أقرت مدارس المقاطعة أن التلاميذ إبتداء من الصف الثانى الإبتدائى يجب عليهم وضع “الماسك” على الوجه طوال الوقت. الحفاظ على التباعد الإجتماعى. بالنسبة للأطفال تم وضع حواجز بين الأطفال. عدم الجلوس على السجادة لمشاهدة الفيديو، اللعب الجماعى أو القراءة. إلغاء حصة الموسيقى، حصة الألعاب. تخصيص مكان لكل فرد للجلوس فى قاعة الطعام. تخصيص مكان للأطفال للوقوف عليه للحفاظ على التباعد.

كان ممتعا أن أرى الأطفال – أربعة أعوام – وهم يجلسون على المقاعد بدلا الجلوس على السجادة الملونة كما هو متبع فى التعليم للحضانة. نعلمهم التباعد الإجتماعى بجعل كل طفل يمسك لونا معينا فى يده حتى لايكون قريبا من زميله.

بالنسبة للمدارس الخاضعة للمدينة City Schools لازال التلاميذ جميعهم يتلقون الدروس من على بعد حتى 8 سبتمبر. حيث ستقوم الأدارة التعليمية بتقييم هذه التجربة من الناحية التعلمية والصحية ومدى القدرة على التعامل مع الوباء.

عملت اليوم فى إحدى المدارس الثانوى المحببة إلى. إستقبلنى التلاميذ بالبشر والترحاب. أعرفهم منذ كانوا أطفالا فى المرحلة الإبتدائية أو قبلها. كبروا وأصبحوا رجالا فى طور الشباب وفتيات “حلوات زى الشربات”. مضى العمر.. مضى الوقت. هم يكبرون.. وأنا كذلك. سألونى عن حالى . حال أسرتى وكيف قضيت الأجازة الطويلة.. مما إستدعى داخلىى الإجابة عن هذا السؤال. سألنى البعض إن كنت قد ذهبت إلى مصر لزيارة الأهل. تبادلت معهم حديثا وديا مرحا.. من بعيد.

إرتدى غالبيتهم “الماسك”، منهم من كان يرتدى “ماسك خنافس”. شكلهم حلو بهذه الأقنعة. سألتهم كيف كانت أجازاتهم الطويلة قالوا كانت جيدة. أضاف بعض أنهم عملوا وحققوا الكثير من المال. فى “قص الزرع”، العمل فى مطعم أوفى مصنع للحديد، عيال “قرود”!!.

الشباب يجلب المرح. والتفاؤل. شكلهم.. طريقتهم.. ضحكاتهم.. تلقيهم للعلم.. يجعل الحياة أكثر حلاوة.

قلت وسط العتمة.. نلمح الضوء. اللهم بارك فى الشباب وإجعله عاما دراسيا جيدا للجميع. أعز مصر وشعبها.. أمين.!!

Categories
My Impressions إنطباعاتى

المدارس بدأت

أمس – الإثنين – 17 أغسطس كان اليوم الأول فى بداية العام المدرسى فى مدينتى الصغيرة.

دبت الحياة.. حيث بدأت “أتوبيسات” المدارس فى الظهور فى الشوارع. بدأت أرى بعض السيارات تصطف أمام المدارس.

تلقى أولياء الأمور الشهر الماضى طلبات من المدارس إذا كانوا يريدون من أولادهم أن يحضروا إلى المدرسة أو يتعلمون فى البيت – من على بعد.

فرضت المدارس على كل التلاميذ الذين سيحضرون إلى المدرسة – حتى الأطفال منهم – أن يضعوا “ماسك” على وجوههم. قاموا بتباعد الطلبة فى الفصل الواحد.

اليوم إتصلت بى المدرسة للعمل. الصراحة ترددت. أذهب وأقطع الصمت الذى أعيش فيه.! أم أجلس فى البيت حفاظا على الصحة وإتقاء شرالوباء.!

عملت فى هذه المدرسة كثيرا من قبل، وهى من المدارس المحببة إلى نفسى، إلى جانب قربها من البيت.

قلت “ياسومة ياعسل” إصحى وإتنشطى وتوكلى على الله. طبعا كان من الصعب جدا أن أستيقظ مبكرا بعد جلوس 152 يوم فى البيت – بما يقرب من خمسة شهور بلا عمل. كسل.. وأنتخة!!

ظل المنبه المسكين يرن كثيرا على أمل أن أستيقظ.. بصعوبة شددت جسدى من الفراش وبدأت أستعد.

ذهبت إلى المدرسة مبكرا. إرتديت “الماسك” كما هو مطلوب. أنه أكثر شئ يضايقنى. لاأستطيع أن أتنفس بسهولة. أجد صعوبة فى سماع الأخر وهو يغطى فمه ويتكلم. لاداعى أن اضع “أحمر الشفايف” الذى أعشقه!. قلت “يارب هون”

وجدت التلاميذ كلهم وهم فى الصف السادس الإبتدائى يضعون الماسك بإحكام على وجوههم.

قررت المدرسة أن يأتى نصف التلاميذ فى يوم والنصف الآخر يأتى فى اليوم التالى هذا الأسبوع فقط، حتى تقلل من الكثافة وتخلق نوعا جديدا من النظام. ممنوع لهم تناول الطعام فى صالة الطعام. يجب أن يحضروا طعامهم إلى الفصل ويأكلون فيه. فترة الراحة اليومية التى تمتد إلى 15 دقيقة – سيتواجدون داخل الفصل أو الذهاب إلى دورة المياه.

وجدت إستجابة وتفهم من الطلبة. سألتهم كيف قضوا أجازتهم الصيفية الطويلة ، إكتفوا بأن قالوا نحن سعداء بالعودة إلى المدرسة.

قلت فى نفسى “وأنا كمان”.

Categories
My Impressions إنطباعاتى

هو و أنا

إمتدت أناملى تبحث عنه..لم أجده. تذكرت أنه حرمنى وجوده. رفض صحبتى. قمت متململة.. أستعلم الوقت. لازال الوقت مبكرا. اليوم بطئ، .. جدا مع الصمت المطبق حولى.

شعرت بالحزن لفراقه.. أطفأ ضوءه.. تعالى على. لم أعد قادرة على العيش بدونه.

أسبوع كامل.. أسبوع طويل، ممل. طالبت نفسى بالصبر والقدرة على التحمل.. طالبتها بالتعامل.. بالمرونة.. أطالبها دائما بالكثير وأقسو عليها أحيانا.

أسبوع بالكامل أخرج من بيتى. يضيع وقتى. تهدر طاقتى ، أبحث عن حل، عن أحد يساعدنى. أعود يائسة. محبطة.

لم أكن أعرف أنه بهذه الأهمية وهذه القيمة فى حياتى. البدائل ليست مثله. قلت “عمار يامصر” لو كنت ذهبت إلى أى محل “موبايلات” كان فى دقائق فك طلاسم هذه الموبايل العزيز. لو طالته أصابع أولاد أخى الصغار.. لتمكنوا فى لحظات أن يريحونى.. ويقولون لى “عمتو دى حاجة بسيطة”!! يا لا عظمة المصريين وجمالهم!! أما “التناكة” من العاملين فى مجال تصليح الموبايلات هنا..حدث ولاحرج.. سخافة إلى جانب الجهل.

ضائعة هنا. أنتظر تشريف التيلفون الجديد الذى عملت له طلبا من على “النت”. حتى يأتى الزائر الجديد فى وقته.. فى تؤدة. ملل. كيف أعيش وأنا منفصلة عن عالمى.
مهما إستعملت “اللاب توب” تظل حبيبى أنت العزيز والأغلى.

أنفصل عن العالم. لاتصلنى رسائل نصية، ولو بالخطأ. لاأسمع رنينا. يارب.. كم أحتاج إلى صبر!! أللا تكفى كورونا، ساعات اليوم الطويلة.. وحيدة. بلا عمل يذكر.. بلا أصدقاء.

لم أكن أعرف إلى هذه الدرجة أصبح الموبايل جزءا هاما وأساسيا فى حياتنا. إن أختفاءه عدة أيام جعلنى أشعر أنى فقدت قريبا.

فى عز يأسى وجدت محلا صغيرا فى “المول” ذهبت إليه. بعد محاولات مستميتةوأيام عدة، أعاد الضوء إلى “موبايلى” ورد إلى الحياة.

الحمد لله.

Categories
My Impressions إنطباعاتى

بحبك يا لبنان

لبنان بلد الجمال، الثقافة، الفن. لبنان جبال الأرز.. الصنوبر.. صوت فيروز.. صوت الجبل لن يركع تحت وطأة حكومة فاشلة.

لبنان الذى قام بعد حرب أهلية دامت خمسة عشر عاما. أعطى مثالا لكل الشعوب بحبه للحياة ورغبته الأكيدة فى الإستمرار.

لبنان الذى يبلغ عدد سكانه حوالى محافظة المنوفية فى مصر – ما يقرب من ست ملايين نسمة، إستدانت حكومته الفاشلة مائة مليار دولار. أوقعته فى أزمة طاحنة لم يعشها من قبل.

لم يخرج فرد من هذه الحكومة الفاشلة الى الشارع ليرى بنفسه حجم الدمار والهلع الذى أصاب عاصمة الثقافة، الصحافة ، الجمال – بيروت. لم يحرك منهم أحد ساكنا.

أتى الرئيس الفرنسى فى اليوم التالى للإنفجار ليقف مع شعب ليس شعبه.. ليقول لهم نحن معكم.. فى الإنسانية. فلماذا يلومون على اللبناننين الذين يطالبون بعودة الإستعمار الفرنسىى!! ماذا حقق لهم ناسهم!! ماذا قدم لهم ساستهم!! سوى العار، الفقر، الخزى والدمار.

أعجب من شعب أصيل ينادى بإستقالة حكومة فاشلة.. الأفضل أن يحاكموا أو يقتلوا رميا بالرصاص فى ميدان عام.

دعت إيران الشعب اللبنانى إلى الصبر. أى صبر يتحدثون!! أى نصيحة يقدمونها!! نفذ الصبر ولم يعد له ووجوود.

سيبرهن لنا لبنان قريبا أنه الشعب الملهم الذى إستطاع دائما أن يخرج من بين أزماته ويحول هزائمه إلى نصر. لأنه شعب عاشق للحياة.. محب للجمال.

بحبك يالبنان.. بحبك ياوطنى بحبك. فيروز

Categories
My Impressions إنطباعاتى

السور الحديدى

فى يوم ما سمعت صوتا ، أثناء تمشيتى اليومية، يسألنى إن كان بإمكانه مشاركتى فى “المشى”. طلبت منى أن أنتظرها بضع دقائق لتستعد. كانت هى المرة الأولى التى أتعرف على جارتى الأمريكية من أصول إفريقية بعد مايزيد عن عام من إقامتى فى هذا البيت، والذى يفصل بيننا سور صغير.

فالناس هنا تميل كثيرا إلى الإحتفاظ بخصوصيتها. تتوخى الحذر. يزداد الحرص إذا كان الجيران من أصول عربية!!

مشينا. تعرفنا على بعضنا البعض. عرفت أنها تعمل فى إحدى القواعد العسكرية فى المدينة المجاورة. تذهب الى عملها مع زوجها فى الخامسة فجرا. تعود إلى بيتها فيما بعد الخامسة مساءا. طوال الأسبوع لاألمحها أبدا. يصلنى فقط ضوء بيتها الذى ينذر بأن هناك بشرا يعيشون فى البيت، ونباح كلبها الصغير فى الحديقة.

كانت تعمل منذ سن السادسة عشر، شأنها شأن معظم الأمريكيين. تعرف قيمة الوقت. قيمة “القرش”. تدخر لتدفع مصروفات الجامعة. التعليم مجانى فقط حتى المرحلة الثانوية.

توطدت علاقتتنا. نتبادل الأحاديث فيما بين السور الذى يفصل بينا. مسلية ، ذكية، نشيطة، ديناميكيكة، صريحة إلى حد أن تجرحك أو تفاجئك صراحتها. على دراية واسعة بكل مايحدث فى المدينة. لاتعرف الكثير عن الشرق الأوسط ومشاكله، مثل الكثيرين الذين يتميزون بأنهم local not global. قامت من تلقاء ذاتها بزيارتى بعض الأحيان. لم تدعونى قط إلى بيتها.

أخبرها بسفرنا إلى مصر. تطمأنى أن البيت فى آمان. عند عودتنا، أحرص على أن أحضر لها بعض الهدايا.. تمطرنى بكل أخبار المدينة التى حدثت أثناء غيابى.

جمعنا إختلافنا، إحتياجنا إلى بعض التغيير. أمرأتان من عالمين متباينين. تبحث كل منهما على مكان تحت الشمس.. هى من ثقافة غربية، واقعية، عملية وأنا من ثقافة شرقية لازالت تؤرخ “للجدعنة” ولاتحبذ التغيير.

الأسبوع الماضى، رأيت حركة غريبة فى بيت جارتى. وجدتها تنقل أثاثا من البيت.. سألتها إن كانت تنوى أن تنتقل إلى مكان آخر. قالت انها فقط ستعيش بعض الوقت بجوار أسرتها فى المدينة القريبة من عملها. ستعود من حين إلى حين للإقامة فى بيتها.

غابت جارتى الأمريكية. لاتأتى إلى البيت إلا لأخذ المزيد من “العفش”. أظلم بيتها المجاور لى. أصبحت أضيق ذرعا بأن أراه شبه مهجور.

شعرت بحزن شديد. لاأدرى مصدره!! كحزن طفلة تركتها أمها أول مرة بمفردها فى البيت!!. تعجبت من حزنى لفراقها الذى يلازمنى حتى كتابة هذه السطور! . فهى جارة تعمل طوال الوقت. لم أكن أراها إلا قليلا، فى عطلة نهاية الأسبوع أحيانا. لماذا فرق معى فراقها إلى هذا الحد!!

حضرت مؤخرا، إلتقينا عند السور الذى يفصل بيننا. قلت لها أنى حزينة جدا لفراقها. تكاد تسقط الدموع من عينى. أشعر بوحدة فظيعة وقطيعة.

تفهمت كلامى وتعاطفت معى، لكنها لايمكن أن تكون شعرت بما أشعر. فهى تنتنقل إلى بيت جديد، بالقرب من عائلتها، ليس بعيدا عن عملها. تشعر بالإثارة. تزغرد الفرحة داخلها. بينما أنا بعيدة عن وطنى عشرات الألاف من الأميال. قلبى يتبعثر بين عدة قارات!!

أتصور أن سبب هذا الشعور الفضيع بالوحدة والحزن يرجع إلى كورونا وتبعات كورونا. فرغم أنه قيل أن كورونا وحدت الناس، إلا أنها أيضا خلقت نوعا من الأنانية والتباعد بين الأخرين. أخذ كل فرد يخشى على نفسه وعلى أسرته فقط. أصبحت الناس لاتميل إلى الحديث أو المشاركة. يشعرالكثيرون بالتوجس، وتوقع الخطر فى أى وقت.

فكرت أن أحضر إلى مصر فى أجازة. هاتفت أحد أقربائى برغبتى، أسأله عن أحوال مصر. قال لى صراحة “لاتتوقعى أن تكون أجازتك هذا العام مثل أى أجازة سابقة. الكل متوجس ويغلق أبوابه على نفسه”.
.قلت يارب.. ضاقت على الأرض، هل أصعد إذن إلى السماء!!

ترى لماذا السور حديدى.. هل لأننا من عالمين مختلفين صعب التغيير كالحديد!!
Categories
My Impressions إنطباعاتى

النهاردة العيد

اليوم هو ثانى أيام عيد الأضحى المبارك. أعاده الله علينا جميعا بالفرح واليسر والبركات.

هذا العيد مختلف عن كل الأعياد فى العالم أجمع. لكنه بالنسبة لى “نفس العيد بتاع كل سنة”. تقريبا لا إختلاف، سوى أننا كنا صباحا نذهب إلى صلاة العيد فى المسجد القريب من البيت. فور إنتهاء الصلاة نتبادل التهانى. ينفض الجمع ويذهب كل فى طريقه.لا لقاء.. لا عيديات..لا زيارات. لاشئ. يطبق الصمت التام على أرجاء المدينة الوديعة.

أذكر العيد العام الماضى، ذهبت إلى عمل تطوعى لطلاء حوائط إحدى المدارس مع مجموعة من المتطوعين. العام الذى سبقه فعلت نفس الشئ بالذهاب إلى هيئة الشئون الإجتماعية لرعاية بعض الأطفال. هذا الشرف حتى لم أناله هذا العام.

لو تحدثت عن العيد فى مصر. كيف كنت أقضيه.. الصحبة.. السفر..الأيام الحلوة الجميلة التى عشتها والتى لم أشعر بقدر حلاوتها وتميزها إلا عندما إبتعدت وتغيرت الظروف والأحوال.

لكى أجنب نفسى الوقوع فى براثن الوحدة والإكتئاب.. قررت أن أكتب هذا.. وأقول أن الحياة لاتسير على وتيرة واحدة. السعادة غالبا تنبع من داخلنا..من إيماننا بأن كل شئ يتغير.. يتبدل.

إن شاء الله تتغير الأمور إلى الأفضل لنا جميعا. نشعر بالعيد داخلنا أولا.. ننظر إلى كل شئ حولنا لننعم به.. نسعد به.

كل عام أحبتى وأنتم فى ألف خير وسلام.

عيدكم سعيد.

Categories
My Impressions إنطباعاتى

الطفل هو الملك 5

الطفل هو الملك
الجزء الخامس والأخير

قالت لى صديقتى الكولومبية أنها لاتريد أن تنجب أطفالا. أضافت أنها تركت زوجها بعد عشرة أعوام زواج لأنها لاتريد أن تنجب. أردفت أن العالم ملىء بالأطفال بلا أهل.. بلا أقرباء، بلا حب.. فلماذا تريد أن تنجب أطفالا وتجلب للعالم المزيد من “العيال”.

“الكلام ده طبعا.. كان جديد على خالص”. “بإختصار مايكولش معايا”. إحنا المصريين الذين نلاحق الفتاة والفتى بالزواج، ثم الإنجاب. جاب بنت.. لازم يجيب ولد. جاب ولد لازم يخاويه. والأمثلة الشعبية المعتادة والمتوارثة. “ياجايبة البنات.. ياشايلة الهم للممات”. “وللى خلف مامتش” هذا على إعتبار أن الذى لاينجب. يموت!.

كم من زيجات إنتهت بسبب إصرار الشخص على الإنجاب وعدم الرضا بالمقسوم. العجيب أن هناك ناس تفر من أزواجها وأولادها لتعيش مع شريك جديد لاينجب تحت مسمى الحب!!

صديقتى الكولومبية الطموح.. الذكية.. المتقدة النشاط ، تزوجت من زوجها الجديد وله أولاد وأحفاد. تحبهم.. ترعاهم.. تودهم. تعشق إبنة أخيها فى البلد البعيد. تتواصل معها بكل الوسائل الحديثة المتاحة.

كيف لأمرأة بمثل هذه القدرة على العطاء والحب ترفض أن تكون أما بإختيارها!! ا
ألم يقولوا أن ألأمومة غريزة!!. نعم أنه إختيارها. أنها تمارس أمومتها. تغدق حنانها على من يحتاجه.. على الأخرين الذين قد يكونوا أشد إحتياجا لعطفها وحدبها!!
صديقتى الجميلة.. دائما مشغولة.. سريعة.. طموح.. لاتتوقف عن العلم والتعلم.. تصغرنى بعشرة أعوام. أتعلم منها كل يوم شيئا جديدا.

أن الذى “لايخلف” يعيش.. ويبقى. الذى يعيش هو الأثر الطيب، الحب.. العطاء لكل من حولنا.

سيبقى الطفل هو الملك. غذاؤه الحب.. مسكنه الأمان.. بيته أحضاننا الدافئة مهما إختلفت جنسياتنا. تبيانت علاقاتنا به. تجمعنا إنسانيتنا لنقدم للعالم أطفالا أسوياء ورجالا عظاما.

شكرا أحبتى لحسن المتابعة

.ة.

Categories
My Impressions إنطباعاتى

الطفل هو الملك 4

الطفل هو الملك
الجزء الرابع

طويلة. شابة. نحيفة. أم لطفلتين جميلتين بالمدرسة. تعانى من قصور فى السمع. تضع سماعة أذن صغيرة. إعتدت رؤيتها فى أنحاء متفرقة فى المدرسة. ليست معلمة، لكنها تقوم بخدمات تطوعية. أى خدمات. فى غرفة الموسيقى، فى ساحة الرياضة، فى الكافتيريا. متواجدة معظم الوقت.

بحكم عملى شبه الدائم فى هذه المدرسة الثانوى، إعتدنا على الكلام واللقاءات.
فى غرفة المعلمات، وقت الراحة أجدها أحيانا. تعرض على أن نشرب قهوة معا، أو إذا كنت أريد طعاما للغداء من الخارج. فهى ستصطحب بعض التلاميذ إلى المحل المجاور لشراء طعام الغداء – بعد موافقة المدرس!!

تعجبت من كم العمل الذى تقدمه للمدرسة بلا مقابل. تعجبت هى أنى من مصر. بعيده تماما عن الوطن والأهل.

توطدت علاقاتنا وسألتها لماذا لاتجد عملا ثابتا فى المدرسة طالما هى متواجدة طوال الوقت تطوعا. قالت أنها تريد أن تكون قريبة من بناتها، أن تساعدهم. تكون حرة ولاتتقيد بعمل ثابت ومواعيد ثابتة.

اضافت لاأريد لبناتى أن يعشن مثلما عشت. فأنا فتاة “Foster”عشت فى كنف أسرة بديلة عندما كنت فى الخامسة من عمرى. تعرضت للتحرش من قبل إبن صديق أمى. شكوت لأمى لكنها لم تعر الأمر إهتماما. كانت غارقة حتى الثمالة فى الخمر وحبها الصارخ لصديقها.

فى يوم ما ذهبت إلى المدرسة وجسدى ملئ بالبروز والكدمات دفاعا عن نفسى من هذا الشاب المستهتر. وضعت رأسى على المكتب ونمت. لاحظت المدرسة مابى. خشيت أن أقول لها، لكنها إصطحبتنى إلى المسئولة فى المدرسة.

قامت الإخصائية بزيارة بيتى. علمت أنى أعيش مع أمى وصديقها وثلاثة من أبناء الصديق كلهم فى عمر المراهقة.

عشت فى كنف أسرة جديدة ، فضلت لى أن أبتعد عن زيارة أمى، التى لم تهتم كثيرا لأمرى أو رؤيتى.

أحببت أسرتى الجديدة التى أنجبت طفلة وأصبح لدى أخت صغيرة. عشت حياتى وتزوجت وأنجبت البنتين. أتساءل أحيانا ماذا سيكون مصيرى لو لم أنتقل فى كفالة هذه الأسرة الجميلة!!.

كنت أعرف دائما أن لى أما أخرى. وأنى فتاة Foster. عندما كبرت، ذهبت لزيارة أمى الأصلية. كانت إمرأة متهالكة فى الأربعينيات وتبدو فى السبعينيات. لاتزال غارقة فيما هى فيه. كان لقاءا باردا. أصابنى بالحزن والأسى. قررت ألا أذهب ثانية، . ربما يكون لى أخوة وأخوات فى مكان ما..لاأعرف عنهم.. لايعرفون عنى… ربما!!

فضلت أن أبتعد إلى الأبد. لايعرف بناتى سوى جدتهم التى قامت على تربيتى. أغدقت على كل الحب مثل إبنتها التى أنجبتها. عشت حياة صحية أحمد الله عليها.

لاأريد لفتياتى أن يعشن مثل تجربتى. أشارت إلى سماعة الأذن التى تضعها. قالت أنها أصيبت ببعض الصمم نتيجة مقاومتها للشاب الذى إنهال ضربا عليها.

يالها من طفولة!! يالها من تجربة!! كلماتها كانت ترعبنى.. كلما تصورت طفلة صغيرة جميلة تعيش مثل هذا الألم النفسى والجسدى. تخشى أن تذهب إلى فراشها. بدلا أن تجد حضنا دافئا..قلبا حانيا، تعيش تجربة أنامل شرسة تعبث بجسدها الصغير. تذهب إلى فصلها فى اليوم التالى وجسدها يعلن عصيانه.. ويشى بكل الألم!!

تعجبت كيف يحكى الناس هنا عن حياتهم..ماضيهم..تاريخهم وحتى ظلمات حياتهم بلا خجل ولامواربة!!. كيف إمتلكت هى هذه الشجاعة لتحكى لأمرأة مثلى.. تأتى من عالم آخر كل هذا التاريخ الأسود الذين يدين الكثيرين وينصف الكثيرين.

إجترار الماضى والحديث عنه شئ مؤلم وقاسى، فمابال لو كان بمثل هذه البشاعة. تظل حكايتهم تطاردنى. كلماتهم تتبعنى لكى اكتب عنها مهما طال الوقت!