إقتربت منى طالبة جميلة فى الصف الأول الثانوى قالت لى “ألا تذكريننى!! أنى شايان وقد كتبتى لى إسمى باللغة العربية والحروف الأبجدية عندما كنت فى المرحلة الإبتدائية. لازلت أحتفظ بهذه الورقة.
لم أصدق ماسمعته. الفتاة أصبحت شابة جميلة.. رغما عنى لا أذكرها. فالمدارس كثيرة، والطلبة اكثر ووقت طويل قد مضى.
ظلت صورة “شايان” حاضرة فى ذهنى. أبحث عنها أحيانا عندما أذهب إلى مدرستها، أتذكرها وأحيانا أجدها تقف أمامى. تقول لى “عرفت يا ميس سومة انك موجوده النهارده فى المدرسة.. جيت أسلم عليك”.
ماأجمالك ياشايان!! ماأرق كلماتك وأعذب صوتك وطيبة قلبك.. جعلتينى أحب مدرستك لكى ألقاك. تبثين فى روحا إيجابية ومشاعر جميلة. دون أن تقصدين تجعليننى أشعر بالألفة والمودة التى تجمع البشر دون جدران رغم الكثير والكثير جدا من الإختلافات.
فى المدارس لايعرفون شيئا عن اللغة العربية – لغة الضاد. أحيانا يطلب البعض أن أنطق بضع كلمات باللغة العربية. تزداد حيرتهم حينما أكتب لهم أسماءهم بالعربى..أو أدون لهم حروفنا الأبجدية. منهم من يحاول أن يكتب إسمه بالعربى مبتدأ من الشمال إلى اليمين!!
يسعدنى رد فعلهم الذى لم يتغير أبدا – جميل كأنك ترسمين ” cool, it is like drawing” . تزداد حيرتهم حينما يروننى أمسك بضفتى كتاب عربى.. يقولون فى تعجب “بتعرفى تقرأى ده” ثم يضيفون أنى أقرأ وأكتب “بالشقلوب”. فأقول أنى أكتب مختلفا.
كم أتمنى أن أعلمهم بعض العربى.. كم أتمنى أن أصحبك معى ياشايان إلى مصر.. لتعرفى أننا بلد عظيم عريق رغم كل مامر ويمر به.
رغم تحفظنا على التعليم فى مصر إلا أننا نتعلم أكثر من لغة حتى فى المدارس التجريبية أو حتى المدارس الحكومية، فرنسى أو ألمانى بجانب العربية والإنجليزية، لكن التلاميذ هنا لاتتعلم سوى اللغة الأسبانية فى الصف الأول الثانوى، وهى اللغة الثانية فى أمريكا. ينسونها عندما ينهون المرحلة الثانوية طالما لم يستعملونها.
قررت فى زيارتى الأخيرة لمصر أن اشترى هدية لشايان من خان الخليلى. من حسن الحظ أنى ذهبت إلى مدرستها للعمل بعد عودتى من مصر. للأسف لم أذكر أى فصل تكون. فى نهاية اليوم وجدتها تدخل الفصل الذى أعمل به. رغم برودة الجو كانت تتصبب عرقا. قالت لى فى تلقائيتها المعتادة.. “كنت فى رحلة مدرسية.. علمت بوجودك اليوم فى المدرسة”!! ماأجملها، أحتضنتها.. أعطيتها هديتها، كانت مغلفة فى ورق.. أخذتها فى عجل وقالت تود أن تلحق الفصل لتعرف مايجب عليها فعله.
تمنيت فى قرارة نفسى لو كانت فتحت الهدية.. فهى شنطة فرعونية من شنط خان الخليلى، لكى أرى تأثير المفاجأة عليها. فالهدية لاتسعد من يتلقاها بل من يحضرها كذلك. تشعره أنه قادر على إدخال البسمة لأحد.
لكنها شايان.. إبنتى الجميلة الرقيقة. عادت إلى بعض دقائق وقبل إنتهاء اليوم الدراسى وهى تضع “الشنطة” الصغيرة فى ذراعها وتمطرنى بأحلى القبلات. الله..
ماأجملك ياشايان!!