همست الفتاة ذات الخمسة أعوام إلى جدتها لأبيها.. أن زوج أمها يلامسها. لم تنم الجدة ليلتها.. فحفيدتها تعيش مع أمها وزوج أمها.. بعد طلاقهما.
ذهبت الجدة فى صباح اليوم التالى إلى مكتب الشئون الأجتماعية التابع للمدينة.. حكت الحكاية بأكملها. قاموا بعمل زيارة لبيت الأم وزوجها.. وجدوا أنهم يتعاطون المخدرات.
تم نقل الصغيرة إلى منزل الأب – الذى يقيم مع جدته..وليس والدته.. إلى حين أن يشفى الأم وزوجها من المسكرات..أن تواظب الإخصائية الأجتماعية بمراقبة حال الطفلة فى بيت ابيها والأطمئنان على حسن رعايتها.
أحداث قصة عشت فصولها منذ زمن بعيد..شهدت كذلك عراك الأجداد. فالجدة للأم تريد أن تطمأن على حفيدتها وهى تعرف أن إبنتها تعاقر المسكرات وتتعاطى المخدرات.. لكن ماذنبها هى كجدة تريد أن ترى حفيدتها.
تراءات هذه الصور أمامى عندما كنت أشاهد مسلسل فاتن أمل حربى وقضايا الأسرة والحضانة والإيواء وغيرها.
القانون هنا يهدف أولا وأخيرا إلى مصلحة الصغير. ليست المصلحة المادية والأسرية فقط لكن المصلحة النفسية والعقلية.
زادت نسبة الإنتحار فى أمريكا فى الأونة الأخيرة بين الأطفال من سن 10 إلى 14 سنة بسبب تواصل الأطفال مع الإترنت وإعتبارها صديقهم الأوحد الذين يبثونه همومهم. حتى أنه يوجد خط ساخن فى المدارس بالنسبة لحالات الإنتحار وطلب المساعدة.
كعادتى.. تحت الأغطية.. أصارع النهوض من الفراش.. والإستعداد للذهاب إلى المدرسة. فى قرارة نفسى أعرف أننى يجب أن أقوم.وأستعد.
بصعوبة.. ذهبت إلى المدرسة البعيدة بعض الشئ. لكنها من المدارس المحببة إلى نفسى.. من تلاميذها. طاقمها الأدارى والمعلمين بها. شعرت بروح إيجابية عندما وطأت قدمى أبوابها. رغم برودة الجو وقسوته، الأولاد يجرون يمينا ويسارا بهيئتهم الجميلة.. بشرتهم المشربة بالحمرة.. شعورهم الذهبية.
إلتفوا حولى، أعطونى بعضا من طاقتهم الإيجابية. حوطونى بأذرعتهم..وهم يقولون..”ميس سومة” هنا.. ميس سومة هنا. شعور جميل بدد كل وحشة داخلى.. وكل برد أحسه. حول عبوسى إلى سعادة.
بدأت اليوم مع تلاميذ الصف يتمتعون بمكارم الأخلاق..والإنضباط..والإستقلال. يقومون بأداء مهامهم على الكمبيوتر الخاص بهم.. وإذا تعذر عليهم فهم شئ.، يأتون لسؤالى!!
رويدا.. رويدا.. تركوا مقاعدهم الصغيرة. إلتفوا حول الطاولة الكبيرة التى أجلس عليها.
شعرت أكثر بالسعادة عندما بدأوا يسألوننى بعض الأسئلة عن مصر واللغة العربية وغيرها.. يتبارون فى مساعدتى.. اين أجد دورة المياة أو قاعة الطعام. حيث مضى وقت طويل من أخر مرة عملت فى هذه المدرسة!!
قبل إنتهاء اليوم،.إقتربت منى طفلة جميلة. صوتها عذب. شعرها الذهبى يتدلى خلفها. وجهها مشربا بالحمرة.. رغم برودة الجو. مكتنزة. همست..”مش عاوزة أروح البيت”!! فنظرت إليها فى دهشة وكنا فى نهاية اليوم ونهاية الأسبوع.. والجو يكاد يجمدنا .. فقلت لها فى تعجب!! معقول!! فى حد مش عاوز يروح ويقضى الويك أند. قالت فى عذوبة”عاوزة اقعد معاك”
لم أصدق.ماسمعته!! أنزلت على قلبى وروحى دفئا.. لا أملك حدوده… إقتربت منها. أردفت، “إخوتى بيضايقوا الكلب بتاعى، ولاينظفوا غرفتهم، وأنا بضطر أعمل كل حاجة بدلا منهم”!! إحتضنتها، رغم ان هذا ضد سياسة المدرسة،.وتعليمات “اللعينة كورونا”. براءتها. تلقائيتها وجمالها الطفولى الآخاذ، جعلنى أقف صامتة.
سمعنا صفير قدوم “باص” المدرسة ليقل التلاميذ إلى بيوتهم. قبلتها.. وقلت لها اجازة سعيدة “Have a nice week-end”.. إبتعدت لكنها جعلتنى أنا الأخرى، أقضى أجازة سعيدة!!
كل البيوت مليانة مشاكل. مشاكل مادية..نفسية..عائلية..لكن مفيش زى العيلة.
حافظ على عيلتك..حاول..وحاول أكثر Try harder. اللى ماعندوش عيلة..يعمل عيلة. اللى فشل مرة..يعيد المحاولة. اللى عنده.عيلة .يحافظ عليها ويمسك فيها.
كم المشاكل..والتمزق والفقر الموجوود فى أغنى بلد فى العالم، ومحاولة الناس أن تقوم من عثرتها، أن تحاول مرة وعشر مرات لكى تستمر الحياة، يجعلنى أقول لكم أن الاسرة مثل الشيكولاتة..حلوة بس فيها مكسرات “مشاكل”، قد تؤلم الأسنان أو لانستيسغها..لكن هذا لايمنعنا أن نحب الشيكولاته..نحب العيلة.
Life goes on. Merry Xmas everyone. الحياة تستمر..عيد ميلاد سعيد على الجميع
رغم اى حزن أو ألم..تستمر الحياة. فى هذا الوقت من السنة تكثر الإحتفالات..تزدان الشوارع..تحتفل المدارس..يشترى الناس الهدايا.. الحياة تستمر..الحياة أقوى من الموت.
كل عام وانتم ونحن والعالم كله بخير وسلام وصحة وأعياد.
If you think that being nice and kind don’t pay off, you are mistaken. You will get some love, respect and kindness from some people, you may not encounter or meet before. Be nice and kind, always.
يعتقد البعض منا ان الطيبة والعطف نوع من الغفلة والسذاجة. الحقيقة لا..فإذا انت نثرت الورد..سيصلك شذاه ولو من بعيد..
كذلك اذا صنعت خيرا لأحد..فسوف يجازيك الله أو تقابل شخصا يقدم لك خيرا..قد لاتعرفه.
لانسأل أولادنا ماذا يريدون!! نتصور أننا نفهم إحتياجاتهم.! قد نغرق فى دوامات من الأعباء المالية..قضاء وقت طويل خارج البيت فى العمل وتدبير الإحتياجات…لكى نشعر بأننا أباء وأمهات رائعين..نحقق مطالب أولادنا.
ندخلهم المدارس الغالية..نعانى الامرين لكى يذهبوا إلى المصيف فى احد المنتجعات الراقية.!..لكننا فى كثير من الأحيان..لانملك الوقت لنقضيه معهم.
إنهم فى حاجة إلى وقتنا.أكثر . من أموالنا. العديد .منا لايعرف شيئا عن ابناءه..ربما لايتذكر فى اى مرحلة عمرية او دراسية هم!!
معظم الجرائم التى تحدث هنا..نتيجة أطفال يقومون بتربية انفسهم بأنفسهم.. الأباء يعملون لساعات طويلة فى مجتمع راسمالى لايرحم..من أجل تدبير أمور الحياة…الابناء يفتقدون القدوة والكثير من المعانى فى الحياة.
كيفية قضاء هذا الوقت مع الأبناء هو الاهم ..quality time. يفوتنا الكثير..والكثير جدا إذا لم نقضيه مع فلذات اكبادنا بدلا من المحادثات التليفونية الطويلة او الإنكباب على الكمبيوتر بالساعات.
معادلة صعبة..لا.! .قام بها اباؤنا من قبل..وانجبوا أجيالا اقل مادية..اكثر عاطفية..وارقى إنسانيا.